لأنه هو الرب المتفضل على عباده بجميع النعم ظاهرها وباطنها، ثم بعد محبة اللّه تعالى محبة رسوله محمد r لأنه هو الذي دعا إلى اللّه، وعرّف به، وبلَّغ شريعته، وبيَّن أحكامه، فما حصل للمؤمنين من خير في الدنيا والآخرة فعلى يد هذا الرسول، ولا يدخل أحد الجنة إلا بطاعته واتباعه r وفي الحديث: { ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون اللّه ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا للّه، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه اللّه منه، كما يكره أن يقذف في النار } البخاري ومسلم
فمحبة الرسول تابعة لمحبة اللّه تعالى لازمة لها وتليها في المرتبة، وقد جاء بخصوص محبته عليه أفضل الصلاة والسلام
ووجوب تقديمها على محبة كل محبوب سوى اللّه تعالى قوله r { لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين } متفق عليه
بل ورد أنه يجب على المؤمن أن يكون الرسول r أحب إليه من نفسه، كما في الحديث: { أن عمر بن الخطاب t قال: يا رسول اللّه لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي. فقال: والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنك الآن أحب إلى من نفسي، فقال: الآن يا عمر } رواه البخاري
ففي هذا أن محبة الرسول r واجبة ومقدمة على محبة كل شيء سوى محبة اللّه، فإنها تابعة لها لازمة لها، لأنها محبة في اللّه ولأجله، تزيد بزيادة محبة اللّه في قلب المؤمن وتنقص بنقصها، وكل من كان محبّا للّه فإنما يحب في اللّه ولأجله. ومحبته r تقتضي تعظيمه وتوقيره واتباعه وتقديم قوله على قول كل أحد من الخلق وتعظيم سنته.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وكل محبة وتعظيم للبشر فإنما تجوز تبعا لمحبة اللّه وتعظيمه، كمحبة رسول الله r وتعظيمه فإنها من تمام محبة مرسله وتعظيمه، فإن أمته يحبونه لمحبة اللّه له ويعظمونه ويجلونه لإجلال اللّه له، فهي محبة من موجبات محبة اللّه.
والمقصود أن النبي r ألقى اللّه عليه من المهابة والمحبة. ولهذا لم يكن بشر أحب إلى بشر ولا أهيب وأجل في صدره من رسول اللّه r في صدور أصحابه رضي اللّه عنهم.
قال عمرو بن العاص بعد إسلامه: إنه لم يكن شخص أبغض إليَّ منه. فلما أسلمت لم يكن شخص أحب إليه منه، ولا أجل في عينه منه، قال: ولو سئلت أن أصفه لكم لما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه إجلالا له .
وقال عروة بن مسعود لقريش:
يا قوم واللّه لقد وفدت إلى كسرى وقيصر والملوك فما رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا r واللّه ما يحدون النظر إليه تعظيما له، وما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فيدلك بها وجهه وصدره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه.
بإذن الله
فريدة اداره عامه
عدد الرسائل : 1895 العمل/الترفيه : بدون عمل المزاج : الحمد لله الاوسمه : تاريخ التسجيل : 23/09/2008
موضوع: رد: الدرس الخامس عشر من سلسلة العقيدة - فصل فى وجوب محبة النبي الكريم السبت 11 أكتوبر - 0:09
2 - النهي عن الغلو والإطراء في مدحه:
الغلو: تجاوز الحد - يقال: غلا غلوا، إذا تجاوز الحد في القدر، قال تعالى:
والإطراء:مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه - والمراد بالغلو في حق النبي r مجاوزة الحد في قدره بأن يرفع عن مرتبة العبودية والرسالة ويجعل له شيء من خصائص الإلهية، بأن يدعى ويستغاث به من دون اللّه ويحلف به.
والمراد بالإطراء في حقه r أن يزاد في مدحه –
فقد نهى r عن ذلك بقوله: { لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم - إنما أنا عبد، فقولوا: عبد اللّه ورسوله } البخاري
أي لا تمدحوني بالباطل ولا تجاوزوا الحد في مدحي كما غلت النصارى في عيسى عليه السلام، فادعوا فيه الألوهية، وصفوني بما وصفني به ربي، فقولوا: عبد اللّه ورسوله. { ولما قال له بعض أصحابه: أنت سيدنا: فقال: السيد اللّه تبارك وتعالى ولما قالوا: وأفضلنا وأعظمنا طولا، فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان } رواه أبو داوود بسند صحيح
كره r أن يمدحوه بهذه الألفاظ: أنت سيدنا - أنت خيرنا - أنت أفضلنا - أنت أعظمنا، مع أنه أفضل الخلق وأشرفهم على الإطلاق - لكنه نهاهم عن ذلك ابتعادا بهم عن الغلو والإطراء في حقه وحماية للتوحيد، وأرشدهم أن يصفوه بصفتين هما أعلى مراتب العبد، وليس فيهما غلو ولا خطر على العقيدة، وهما: عبد اللّه ورسوله، ولم يحب أن يرفعوه فوق ما أنزله اللّه U من المنزلة التي رضيها له، وقد خالف نهيه r كثير من الناس، فصاروا يدعونه ويستغيثون به ويحلفون به ويطلبون منه ما لا يطلب إلا من اللّه كما يفعل في الموالد والقصائد والأناشيد، ولا يميزون بين حق اللّه وحق الرسول.
بإذن الله
فريدة اداره عامه
عدد الرسائل : 1895 العمل/الترفيه : بدون عمل المزاج : الحمد لله الاوسمه : تاريخ التسجيل : 23/09/2008
موضوع: رد: الدرس الخامس عشر من سلسلة العقيدة - فصل فى وجوب محبة النبي الكريم السبت 11 أكتوبر - 0:10
3 - بيان منزلته r
لا بأس ببيان منزلته بمدحه r بما مدحه اللّه به وذكر منزلته التي فضله اللّه بها واعتقاد ذلك. فله r المنزلة العالية التي أنزله اللّه فيها، فهو عبد اللّه ورسوله وخيرته من خلقه. وأفضل الخلق على الإطلاق. وهو رسول اللّه إلى الناس كافة، وإلى جميع الثقلين الجن والإنس. وهو أفضل الرسل، وخاتم النبيين لا نبي بعده، قد شرح اللّه له صدره، ورفع له ذكره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وهو صاحب المقام المحمود الذي قال اللّه تعالى فيه: ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً )
[ الإسراء: 79 ]،
أي المقام الذي يقيمه اللّه فيه للشفاعة للناس يوم القيامة ليريحهم ربهم من شدة الموقف، وهو مقام خاص به r دون غيره من النبيين، وهو أخشى الخلق للّه وأتقاهم له، وقد نهى عن رفع الصوت بحضرته r وأثنى على الذين يغضون أصواتهم عنده، فقال تعالى:
هذه آيات أدَّب اللّه فيها عباده المؤمنين فيما يعاملون به النبي r من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام. أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي r فوق صوته، ونهى سبحانه وتعالى أن يدعى الرسول باسمه كما يدعى سائر الناس فيقال: يا محمد. وإنما يدعى بالرسالة والنبوة فيقال: يا رسول اللّه، يا نبي اللّه، قال تعالى:
لكن لا يخصص لمدحه r وقت ولا كيفية معينة إلا بدليل صحيح من الكتاب والسنة. فما يفعله أصحاب الموالد من تخصيص اليوم الذي يزعمون أنه يوم مولده لمدحه بدعة منكرة.
ومن تعظيمه r
سنته واعتقاد وجوب العمل بها، وأنها في المنزلة الثانية بعد القراَن الكريم في وجوب التعظيم والعمل. لأنها وحي من اللّه تعالى. كما قال تعالى:
فلا يجوز التشكيك فيها والتقليل من شأنها - أو الكلام فيها بتصحيح أو تضعيف لطرقها وأسانيدها أو شرح لمعانيها إلا بعلم وتحفظ، وقد كثر في هذا الزمان تطاول الجهال على سنة الرسول r خصوصا من بعض الشباب الناشئين الذين لا يزالون في المراحل الأولى من التعليم، وصاروا يصححون ويضعفون في الأحاديث ويجرحون في الرواة بغير علم سوى قراءة الكتب وهذا خطر عظيم عليهم وعلى الأمة، فيجب عليهم أن يتقوا اللّه، ويقفوا عند حدهم.
فريدة اداره عامه
عدد الرسائل : 1895 العمل/الترفيه : بدون عمل المزاج : الحمد لله الاوسمه : تاريخ التسجيل : 23/09/2008
موضوع: رد: الدرس الخامس عشر من سلسلة العقيدة - فصل فى وجوب محبة النبي الكريم السبت 11 أكتوبر - 0:18
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا هو الدرس السادس من دروس سلسلة العقيدة
بعنوان ( حكم السحر والكهانة والعرافة )
نفعنا الله وإياكم بها
1-السحر: عبارة عما خفي ولطف سببه:
سُمي سحرا، لأنه يحصل بأمور خفية لا تدرك بالأبصار - وهو عزائم ورقى وكلام يتكلم
به وأدوية وتدخينات. وله حقيقة.
ومنه ما يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وتأثيره
بإذن اللّه الكوني القدري
- وهو عمل شيطاني - وكثير منه لا يتوصل إليه إلا بالشرك والتقرب إلى الأرواح
الخبيثة بما تحب والتوصل إلى استخدامها بالإشراك بها
- ولهذا قرنه الشارع بالشرك حيث يقول النبي r { اجتنبوا السبع الموبقات.
قالوا: وما هي؟ قال: الإشراك باللّه والسحر } رواه البخارى ومسلم
فهو داخل في الشرك من ناحيتين:
الناحية الأولى:
ما فيه من استخدام الشياطين والتعلق بهم والتقرب إليهم بما يحبونه ليقوموا