أبرز علماء وأدباء العصر المملوكي:
1.شهاب الدين النويري:
هو المؤرخ الكبير شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب بن محمد النويري,ولد في عام 667هـ في محافظة بني سويف في مصر ,وينسب الى قريته نويرة , درس بالقاهرة والجامع الأزهر وتخصص في دراسة التاريخ والحديث والأدب وإشتغل فترة في شبابه بنسخ الكتب، حيث كان أنيق الخط يكتب النسخة من صحيح البخاري ويبيعها بألف دينار.
كان شهاب على صلة ببلاط الناصر محمد بن قلاوون في فترة خلافته الثانية والثالثة، وتقلب في عدة وظائف مالية وإدارية. ثم مل هذه الحياة الإدارية الجافة ونبذها وعكف على الدرس والمطالعة الواسعة. وخطرت له فكرة تأليف موسوعته الضخمة "نهاية الأرب في فنون الأدب" وقد اعتمد في تأليفها على مادة غزيرة من المراجع في فنون الأدب العربي. وهي موسوعة ضخمة جمعت طائفة عظيمة المواد والمعارف الأدبية والتاريخية الحافلة التي لم يجمعها من قبل ولا من بعد كتاب في الأدب العربي.
وتشمل هذه الموسوعة واحد وثلاثين مجلداً ضخماً، كل مجلد يشغل جزئين وقد قسم الموسوعة إلى خمسة فنون، كل فن ينقسم إلى خمسة أقسام: يشغل الإنسان وما يتعلق به فناً، بينما تشغل السماء والفلك فناً آخر، ويشغل الحيوان الصامت فناً منها، بينما يشغل الفن الرابع النبات وما يتعلق به، وفي الفن الخامس وهو التاريخ ينقلب النويرى مؤرخاً عظيماً. وهذا الفن هو قوام هذه الموسوعة ويشغل تاريخ مصر من هذا الفن أربع مجلدات عن تاريخ الدولة الفاطمية فالأيوبية ثم تاريخ الشام والصليبيين، ثم تاريخ الدولة المملوكية حتى وافته المنية في 733هـ عن عمر يناهز 65 عام وعشرة شهور.
2.بن دانيال:
هو شمس الدين محمد بن دانيال بن يوسف الخزاعي,ولد في مدينة الموصل عام 646هـ وتلقى علومه الدينية والأدبية فيها, وعندما اجتاحت جيوش التتار مدينة الموصل واكثروا فيها الفساد فاضطر كثير من أهلها إلى الهجرة منها وولوا وجوههم إلى مصر البلد الذي وقف في وجه التتار وهزمهم هزيمة منكرة في موقعة عين جالوت فدخل ابن دانيال القاهرة عام 1267م-665هـ وأكمل دراسته الدينية والأدبية والطبية في مدارسها ولاسيما على يد شيخه معين الدولة الفهري المصري المتوفي عام 685هـ. احترف ابن دانيال مهنة الطب (طب العيون) وعرف بالكحال واتخذ له مكاناً في القاهرة في منطقة باب الفتوح لاستقبال مرضاه كما التقى بمصر بالشعراء المتحامقين فعرف مذهبهم وسلك طريقهم وأصبح من الفكهين وساعده على ذلك حاضر ذهنه وسرعة بديهته وأخذ عن المصريين طريقتهم في إرسال النكت الساخرة المقذعة ولم يترك أقرب الناس إليه من توجيه النكت والدعابة حتى خشي الناس .
يعتبر ابن دانيال مؤسس فن تمثيل خيال الظل, وخيال الظل نوع من التمثيليات يكون بإلقاء خيالات على ستار يشاهده المتفرجون,وقد اشتهر وشاع صيته وولع فيه الملوك والسلاطين حتى حملوه معهم في رحلاتهم وحجهم.
والتمثيليات الثلاث التي ألفها ابن دانيال هي: 1-طيف الخيال، 2-عجيب وغريب، 3-المتيم والضائع اليتيم.
ومؤلفاته كانت باللغة العربية الفصحى,وكما أنه كان شاعرًا مبدعًا,ومن شعره:
قد عقلنا والعقـل أي وثـاق وصبرنا والصبر مر المذاق
كل من كان فاضلا كان مثلي فاضلا عند قسمـة الأرزاق
توفي في مصر عام 733 هـ.
ابن خلكان:
هو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان البرمكي أبو العباس,ولد في أربيل على شاطئ دجلة الشرقي سنة 608 هـ/1211 م، .
سافر إلى دمشق, فدرس التفسير والحديث والفقه على الشيخ ابن الصـلاح الكوردي الشَّهْرَزُوري (ت 643 هـ) أحد فضلاء عصره وعلمائه المرموقين، وعاد بعدئذ إلى حلب ثانية، ويبدو أنه يئس من العودة إلى مدينته إربل، إذ كان التتار قد اجتاحوها وخرّبوها سنة (634 هـ)، وأنه كان يرى نفسه ما يزال في دور طلب العلم، فتوجّه إلى مصر، ووصل إلى الإسكندرية سنة (636 هـ)، ثم إلى القاهرة سنة (637 هـ)، واتصل هناك بالشاعر بهاء الدين زهير، وقويت الصداقة بينهما، إلى درجة أن البهاء أجاز له رواية ديوانه.
أشهر مؤلفاته: "وَفَيات الأعيـان وأنباء أبناء الزمـان"، وقد انتهى من تأليفه سنة (672 هـ) بالقاهرة.
قالوا عنه:
ابن كثير في البداية 17/588: ابن خلكان قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس احمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان الشافعي أحد الأئمة الفضلاء والسادة العلماء والصدور الرؤساء وهو أول من جدد في أيامه قضاء القضاة من سائر المذاهب فاشتغلوا بالأحكام بعد ما كانوا نوابا له، وقد كان المنصب بينه وبين ابن الصائغ دولا يعزل هذا تارة ويولى هذا، ويعزل هذا ويولى هذا، وقد درّس ابن خلكان في عدة مدارس لم تجتمع لغيره ولم يبق معه في آخر وقت سوى الأمينية وبيد ابنه كمال الدين موسى النجيبية. توفي ابن خلكان بالمدرسة النجيبية المذكورة بإيوانها يوم السبت آخر النهار في السادس والعشرين من رجب ودفن من الغد بسفح قاسيون عن ثلاث وسبعين سنة، وقد كان ينظم نظما حسنا رائقا وقد كانت محاضرته في غاية الحسن، وله التاريخ المفيد الذي رسم بـ"وفيات الأعيان" من أبدع المصنفات. والله أعلم.
وقال الحافظ الذهبي: كان إماما، فاضلا، متقنا، عارفا بالمذهب، حسن الفتاوى، جيد القريحة، بصيرا بالعربية، علامة في الأدب والشعر وأيام الناس، كثير الاطلاع، حلو المذاكرة، وافر الحرمة، من سروات الناس، كريما، جوادا، مُمَدّحا، وقد جمع كتابا نفيسا في "وفيات الأعيان" .
وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب 7/648: ومن محاسنه أنه كان لا يجسر أحد أن يذكر أحدا عنده بغيبة.
توفي في يوم السبت (26 رجب سنة 681 هـ)، ودفن بسفح جبل قاسيون.
4. ابن منظور:
هو محمد بن مُكرَّم بن عليّ بن أحمد بن حبقة الأنصاري الإفريقي كان يُنسب إلى رُوَيْفِع بن ثابت الأنصاري ، من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام,وهو صاحب معجم"لسان العرب".
ولد في القاهرة في شهر المحرم سنة 630 هـ / سنة 1232 م .
كان عالمًا في الفقه مما أهَّلَه لتولي منصب القضاء في طرابلس ، كما عمل فترة طويلة في ديوان الإنشاء وكان عالما في اللغة ويشهد له بذلك هذا الكتاب الفرد "سان العرب" وقد جمع فيه بين التهذيب والمحكم والصحاح والجمهرة والنهاية وحاشية الصحاح جوّده ما شاء ورتبه ترتيب الصحاح وهو كبير، وكان من أفضل علماء عصره في المعارف الكونية فهو بحق مفخرة من المفاخر الخالدة في التراث العربي ، وسمع من ابن المقير ومرتضى بن حاتم وعبد الرحيم بن الطفيل ويوسف بن المخيلي وغيرهم. وعمَّر وكبر وحدَّث فأكثروا عنه ، وكان مغرى باختصار كتب الأدب المطوَّلة ، اختصر الأغاني والعِقد والذخيرة ونشوان المحاضرة ومفردات ابن البيطار والتواريخ الكبار وكان لا يمل من ذلك، قال الصفدي : لا أعرف في الأدب وغيره كِتابا مطوَّلا إلا وقد اختصره ، قال : وأخبرني ولده قطب الدين أنه ترك بخطه خمسمائة مجلدة ، ويقال إن الكتب التي علقها بخطه من مختصراته خمسمائة مجلدة.
مؤلفاته:
1.معجم "لسان العرب" في اللغة .
2. مختار الأغاني .
3. مختصر " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي في عشرة مجلدات .
4. مختصر " تاريخ دمشق " لابن عساكر .
5. مختصر " مفردات ابن البيطار " .
6. مختصر " العقد الفريد " لابن عبد ربه .
7. مختصر " زهر الآداب " للحصري .
8. مختصر " الحيوان " للجاحظ .
9. مختصر " يتيمة الدهر " للثعالبي .
10. مختصر " نشوان المحاضرة " للتنوخي .
11. مختصر " الذخيرة " .
توفي في مصر سنة 711 هـ / 1211م.
ومن علماء القرآن:
1.السيوطي:
هو عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي، ولد مساء يوم الأحد غرة شهر رجب [849هـ= سبتمبر 1445م] بالقاهرة، وقد توفي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا، واتجه إلى حفظ القرآن الكريم، فأتم حفظه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه وزادت معارفه. وكان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم "الكمال بن الهمام الحنفي" أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة.
مؤلفاته:
ألف جلال الدين السيوطي عدد كبير من الكتب و الرسائل إذ يذكر ابن إياس في "تاريخ مصر" أن مصنفات السيوطي بلغت ست مئة مصنف,منها:
1.الأشباه والنظائر
2.الإتقان في علوم القرآن
3.الجامع الصغير من حديث البشير النذير
4. الدر المنثور في التفسير بالمأثور
5.الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة
6. الكاوي على تاريخ السخاوي (ألفه بسبب خصومته مع السخاوي)
7.اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة
8.المَدْرَج إلى المُدْرَج
9.المزهر في علوم اللغة وأنواعها
10.المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب
11.أسباب ورود الحديث
12.أسرار ترتيب القرآن
وغيرها كثير.
توفي الإمام السيوطي في منزله بروضة المقياس على النيل في القاهرة في 19 جمادى الأولى 911هـ، الموافق 20 أكتوبر 1505 م، ودفن بجواره والده
محمد(قاضي القضاة) ابن الديري:
هو شمس الدين أبي عبد الله محمد الخالدي المعروف بابن الديري الحنفي الناظر في الأحكام الشرعية بالديار المصرية وأعمالها. ملك العلماء والأعلام ,لقب بشيخ الإسلام وحجة المحققين. خير المدققين. لسان المتكلمين. رحلة الطالبين ، ولد بالقدس سنة 768 هجرية ونشأ بها فحفظ القرآن وكان سريع الحفظ مفرط الذكاء ، تفقه على أبيه وغيره من علماء بلده واشتغل بالعلم وتفرد بعلم التفسير ، تولى عدة وظائف منها مشيخة المنجكية والتدريس في المعظمية بالقدس وانتفع الناس بدروسه وفتاويه وسافر الى دمشق واتصل بعلمائها وقدم للقاهرة وولي بها مشيخة المؤيدية ودرس بمعاهد آخرى . وفي عام 842 هجرية تولى في مصر قضاء الحنفية واستمر 25 سنة فباشره بمهابة وصلابة وعفة وأحبه الناس . وصفه صاحب الضوء اللامع بقوله " كان إمامًا عالمًا علامة .. قوي الحافظة ، حتى بعد كبر في السن ، سريع الإدراك .. ذا عناية بالتفسير لا سيما معاني الترتيل ، وبالمواعيد يحفظ من متون الأحاديث ما يفوق الوصف .. وعنده من الفصاحة وطلاقة اللسان في التقرير ما يعجز عن وصفه لكن في الإسهاب في العبارة، وصار منقطع القرين مفخر العصرين ذا وقع وجلالة في النفوس وارتفاع عند الخاصة والعامة على الرؤوس من السلاطين والأمراء والعلماء والوزراء فمن دونهم …. إلى أن يقول : وكثرت تلاميذه وتبجح العقلاء من كل مذهب وقطر بالانتماء إليه والأخذ عنه … وقصد بالفتاوى من سائر الأفاق.
من مؤلفاته :
شرح العقائد المنسوبة للنسفي ، والسهام الخارقة في كبد الزنادقة ،والحبس في التهمة و تكملة شرح الهداية للسروجي.
توفي سنة 867 هجرية 1463 م ودفن بتربة الملك الظاهر خشقدم بحضور السلطان والقضاء والأمراء والأعيان وتأسف الناس على فقده كثيرا ولم يخلف بعده مثله .