بعد يوم من محاصرة سفينة «راشيل كورى» الأيرلندية فى عرض البحر، واقتيادها إلى ميناء أشدود من قبل قوات «الكوماندوز» الإسرائيلية، أعلن مكتب الهجرة الإسرائيلى ترحيل الركاب الـ١١ (٦ أيرلنديين و٥ ماليزيين) وطاقم السفينة التى كانت تنقل مساعدات إلى غزة، إلى بلادهم.
وقالت الناطقة باسم مكتب الهجرة الإسرائيلى سابين حداد أن «كل الأشخاص الذين كانوا على متن السفينة سيطردون بعدما وقعوا وثيقة تؤكد أنهم يتخلون عن اللجوء إلى القضاء الإسرائيلى ضد هذا الإجراء». وغادر ٦ ماليزيين وكوبيا إسرائيل بعد أن تم استجوابهم عن طريق جسر الملك حسين (معبر اللنبى) إلى الأردن، بينما غادر الـ ١٢ الباقون إسرائيل من مطار «بن جوريون» الدولى قرب تل أبيب.
وقال مسؤولون فى إدارة الهجرة إن هذه العملية تأخرت بعدما رفض الناشطون الأيرلنديون، بمن فيهم ميريد ماجواير (٦٦ عاما) الحائزة على جائزة نوبل للسلام- توقيع وثيقة تنازلهم هذه.
كانت البحرية الإسرائيلية اعترضت، أمس الأول، دون استخدام العنف السفينة «راشيل كورى» الأيرلندية، بينما كانت فى طريقها إلى قطاع غزة وعلى متنها مساعدات إنسانية. وكانت السفينة فى الأصل إحدى سفن «أسطول الحرية»، الذى هاجمه الجيش الإسرائيلى الإثنين الماضى فى المياه الدولية، ما أوقع ٩ قتلى وأثار عاصفة انتقادات دولية ضد إسرائيل وأثار غضب تركيا.
وفى تلك الأثناء، عاد إلى سكوبيى أمس الأول ٣ ناشطين مقدونيين كانوا اعتقلوا فى الهجوم الإسرائيلى على أسطول الحرية، ونددوا بسوء معاملتهم من جانب الجنود الإسرائيليين، حيث أوضح أحدهم أنه أجبر على البقاء مقيد اليدين لساعات طويلة دون أن يتمكن من القيام بأى حركة.
ومع أن عملية، أمس الأول، تتناقض مع الهجوم على «أسطول الحرية»، فقد أثارت غضب حملة التضامن مع فلسطين، المنظمة التى تتخذ من أيرلندا مقرا لها.
وقالت المنظمة: «للمرة الثانية تهاجم قوات إسرائيلية وتخطف سفينة مساعدات لا تحمل سلاحا وتخطف ركابها وتجبرهم على التوجه إلى مرفأ أشدود»، بينما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن كيفية السيطرة على «راشيل كورى» والتى اتسمت بخلوها من أى عنف، على حد قوله، تؤكد الفارق الهائل بين «رحلة بحرية لنشطاء مسالمين ورحلة السفينة التركية (مرمرة)»، التى وصف ناشطيها بـ «المتشددين والداعمين للإرهاب»، مؤكدا مجددا أن إسرائيل ستحتفظ بما زعم أنه حقها فى الدفاع عن النفس، وأنها لن تسمح بوجود «ميناء إيرانى فى غزة».
وبعد أن تعرضت إسرائيل بالفعل لسلسلة من العواصف الدبلوماسية على مدى العام الماضى، يتوقع محللون أن تقوم على الأقل بتعديل الحصار. وقال مسؤولون إسرائيليون إن نتنياهو يدرس استحداث شكل ما لدور دولى فى فرض حظر على الأسلحة مع السماح بإدخال «البضائع المدنية».
فى غضون ذلك، أكد رئيس جمعية حقوق الإنسان والحرية والمساعدات الإنسانية التركية بولنت يلدريم أن الجمعية ستواصل إرسال قوافل المساعدات الإنسانية إلى غزة.
فى غضون ذلك، قال مسؤولون بوزارة الخارجية الإسرائيلية إن إسرائيل لن تعتذر لتركيا عن مقتل ٩ ناشطين فى الاعتداء على أسطول الحرية، ونقلت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، أمس، عن مسؤول بارز فى وزارة الخارجية الإسرائيلية -طلب عدم ذكر اسمه- قوله إن طلب تركيا الاعتذار الرسمى هو فى المقام الأول حجة لتبرر لرئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، فيما قال مسؤولو الخارجية الإسرائيلية إنهم فوجئوا بطلب الاعتذار، الذى قدمه السفير التركى لدى واشنطن ناميك تان، نظرا لأن الطلب لم ينقل عبر أى قنوات دبلوماسية أخرى.
من ناحية أخرى، ذكرت «هاآرتس» أن نائب رئيس الوزراء ووزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلى دان ميريدور ألغى مشاركته فى مؤتمر دولى يعقد هذا الأسبوع فى إسطنبول لاعتبارات أمنية نظرا لتصاعد المشاعر المناهضة لإسرائيل فى تركيا. وسيحل محل ميريدور فى المؤتمر مسؤولون من القنصلية الإسرائيلية فى إسطنبول، والمبعوث الإسرائيلى فى أنقرة.
جاء ذلك فيما كشفت صحيفة تركية عن أن الإدارة الأمريكية حذرت الحكومة التركية من أن إسرائيل قد تهاجم سفن قافلة أسطول الحرية قبل إرسالها إلى غزة، لكن الخارجية التركية استبعدت هذا الأمر، رغم اتفاق الجيش التركى مع التحذيرات الأمريكية.
من جهته، اعتبر الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، أن الاعتداء الإسرائيلى على سفن كسر الحصار يعتبر «جريمة حرب دولية»، إلا أنه رأى أن إسرائيل فشلت فى تحقيق هدف الردع بتصميم نشطاء العالم على تسيير سفن مساعدات جديدة.