كشف المحامي المتخصص في شؤون القدس قيس ناصر عن وثائق مهمة تبين سيطرة هيئات إسرائيلية خاصة على الأوقاف العربية الإسلامية داخل أسوار البلدة القديمة بتمويل من قبل حكومة إسرائيل مقداره 100 مليون دولار أميركي.
وتظهر المستندات والخرائط أن إسرائيل كانت صادرت عام 1968 مساحة 133 دونما من الأوقاف الإسلامية داخل أسوار البلدة القديمة حتى حائط البراق شرقا.
وقد قام وزير المالية الإسرائيلي إسحق موداعي في عام 1992 بتوقيع خارطة مساحة تفصل حدود الأوقاف المصادرة لتسجل الأرض عام 1993 في دائرة الطابو باسم دولة إسرائيل.
كما تظهر المستندات أن حكومة إسرائيل قد قامت عام 1971 بتأجير كل هذه الأوقاف لـ”شركة تطوير الحي اليهودي في القدس” دون مقابل لمدة 49 عاما تنتهي عام 2020.
وقال المحامي قيس ناصر -الذي يعمل أيضا محاضرا في القانون- إن “شركة تطوير الحي اليهودي” تنفذ مشاريعها في ساحة البراق عبر جمعية يهودية باسم “صندوق ميراث الحائط الغربي”، وهي جمعية أقامتها الحكومة الإسرائيلية عام 1988 لتقوم بأعمال الإنشاء والتطوير في ساحة البراق كما تهدف إلى إتمام كل الحفريات في منطقة الحرم القدسي.
ويتبع هذا الصندوق اليهودي لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي مباشرة. ودولة إسرائيل -عبر مكتب رئيس الحكومة والوزارات- هي عضو مركزي في هذه الجمعية، كما أن رئيس بلدية القدس ومدير “شركة تطوير الحي اليهودي” ومدير الهيئة الرئيسية لحاخامات اليهود في القدس هم أعضاء دائمون في الجمعية.
يذكر أن “شركة تطوير الحي اليهودي في القدس” أقيمت عام 1969 وتهدف إلى تطوير الحي اليهودي في البلدة القديمة ليصبح حسب أهداف الشركة موقعا “وطنيا” و”قوميا” إسرائيليا.
وقد استطاعت هذه الشركة حسب مستندات المحامي ناصر بناء 500 وحدة سكن في البلدة القديمة ونحو 100 متجر، ليتواجد اليوم في الحي اليهودي في البلدة القديمة نحو 600 عائلة يهودية يبلغ عدد أفرادها 4000.
وتظهر المستندات المذكورة أن دولة إسرائيل قد حولت لهذه الشركة مذ أقيمت وحتى عام 2004 نحو 82 مليون دولار أميركي.
وأضاف المحامي ناصر “نتحدث عن مخطط لتوسيع ساحة البراق على حساب تلة باب المغاربة التي هدمت خلال أعمال الحفريات التي نفذتها السلطات الإسرائيلية عام 2004، وإقامة مركز ديني كبير في ساحة البراق ومخططات تهويد أخرى تعمل الجمعية على تنفيذها في البلدة القديمة”.
وحسب التقارير المالية لجمعية “صندوق تراث الحائط الغربي” فإن حكومة إسرائيل قد مولت هذه الجمعية في الفترة ما بين عام 2003 حتى نهاية عام 2008 بنحو 13 مليون دولار أميركي استغلت لتحريك مشاريع تهويدية في البلدة القديمة.
وتبين المستندات أيضا أن ما يسمى “صندوق تراث الحائط الغربي” قد تعاون مع شركات إسرائيلية أخرى لتنفيذ عدة مشاريع تهويدية في البلدة القديمة بين 1989 و2008 وقد بلغ مجموع ما أنفقته الشركات في سبيل هذا الغرض نحو 48 مليون دولار أميركي.
المحامي قيس ناصر كشف عن هذه البيانات خلال عمله لإبطال مخطط باب المغاربة بعد أن قدم التماسا بهذا الشأن باسم الباحث في تاريخ القدس د. محمود مصالحة، واستطاع إصدار أمر من المحكمة يقضي بمنع السلطات الإسرائيلية من تنفيذ المخطط حتى البت نهائيا في الالتماس.
وقال الباحث في تاريخ القدس الدكتور محمود مصالحة إن “على الدول العربية والإسلامية والسلطة الفلسطينية والأردن ممارسة الضغوط على إسرائيل لإلزامها بإلغاء هذه المصادرة والاتفاقيات”.
وأضاف الدكتور مصالحة أن ما قامت به دولة الاحتلال يتنافى مع القانون الدولي وحتى الإسرائيلي، وما عملته هو بمثابة عملية قرصنة لآخر ما تبقى لنا من أوقاف، كل شيء صودر ولم يبق إلا الحرم القدسي.
وأشار مصالحة إلى أن المجلس الإسلامي الأعلى في الداخل الفلسطيني، سيجتمع قريبا للتداول في الموضوع وبحث المسار القضائي دوليا.