سادت «بورت أو برنس» عاصمة هاييتى حالة من الفوضى وسط انتشار أعمال السلب والنهب، ومخاوف من تحول حالة الفوضى الحالية إلى أعمال عنف واسعة النطاق وسط غياب شبه كامل للسلطات الأمنية والسياسية فى البلاد، بينما سادت حالة من اليأس بين الناجين من الزلزال لصعوبة وصول المواد الإغاثية إليهم رغم مسارعة العديد من دول العالم بإيصال المساعدات للبلاد.
وأفاد مراسلو وكالات الأنباء بأن اللصوص انقضوا على المبانى المدمرة فى ظل الغياب الواسع للسلطة والنظام، بينما مازال انسداد حركة النقل والإمداد يمنع عمليات الإغاثة الضخمة من الوصول إلى معظم الضحايا، الذين يقيم كثيرون منهم فى مخيمات مؤقتة فى الشوارع التى تناثرت فيها الأنقاض والجثث المتحللة.
وفى الشارع التجارى الرئيسى المدمر فى العاصمة تجمع مئات من اللصوص حول أنقاض المتاجر حاملين أى شخص يجدونه، ويتقاتلون فيما بينهم أحيانا من أجل أى شىء ثمين، وحمل هؤلاء الأشخاص حجارة وسكاكين ومطارق من أجل الدفاع عن أنفسهم ولاقتحام المبانى المدمرة ولفتح صناديق لسرقة قمصان وحقائب ولعب أطفال وأشياء أخرى.
وتنقل شاحنات جثثاً إلى مدافن جماعية تم حفرها على عجل خارج المدينة، لكن يعتقد أن آلاف الجثث لا تزال مدفونة تحت الأنقاض، بينما واصل عمال الإنقاذ الأمريكيون عملهم طوال الليل لإخراج الناجين من تحت أنقاض متجر بقالة منهار، حيث يوجد ما يصل إلى ١٠٠ شخص محصورين داخله، وكانوا على وشك التخلى عن العملية عندما تم إبلاغهم بأن محاسبة بالمتجر تمكنت من الاتصال بشخص فى ميامى لتبلغه بأنها مازالت على قيد الحياة بالداخل.
واقتتل المواطنون الجوعى فى بورت أو برنس على أكياس غذاء وزعتها شاحنات تابعة للأمم المتحدة فى وسط العاصمة وحذر مسؤول كبير فى الأمم المتحدة من أن الجوع قد يؤجج توترا إذا لم تصل المساعدات بسرعة لكنه قال إن القانون والنظام مازالا فى نطاق السيطرة «فى الوقت الحالى».
يأتى هذا بينما خرج الآلاف من عاصمة هاييتى فى نزوح جماعى هربا من المدينة التى دمرها الزلزال حيث لا تصل المساعدات إلى الشوارع بسرعة كافية للمشردين والمتضررين والجوعى.
وتوجه المنكوبون إلى الأقاليم سيرا على الأقدام حاملين حقائبهم على رؤوسهم وأكتافهم بحثا عن مأوى عند الأصدقاء والأقارب، وكوم آخرون متعلقاتهم فى سيارات وشاحنات واصطفوا لساعات طويلة بمحطات البنزين للتزود بالوقود.
وفيما يتعلق بالعمليات الإغاثية، سرعت المروحيات الأمريكية أمس الأحد وتيرة توزيع المساعدات فى بورت أو برنس بدون أن يكفى ذلك لسد حاجات السكان الذين يعانون من الجوع ويواصلون نهب المحال، حيث اضطرت المروحيات لإلقاء الأغذية على سكان العاصمة جوا، فيما بدأت فرق الإغاثة تصل تدريجيا إلى مدن أخرى دمرها الزلزال.
وتقوم الشرطة بإطلاق النار فى الجو لتفريق المئات الذين يهرعون إلى المبانى المهدمة بحثا عن الماء والطعام. وفى هذا الإطار، ذكرت مصادر من الخارجية المكسيكية أن قائد الحرس الرئاسى فى هاييتى لفظ أنفاسه الأخيرة فى أحد المستشفيات بعد ساعات على إنقاذه من تحت أنقاض القصر الرئاسى الذى سقط فى الزلزال.
وفى واشنطن، رفضت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون الانتقادات التى وجهت لبلادها من جانب بعض المنظمات الإغاثية بسوء إدارة عمليات الإغاثة، مؤكدة أن المساعدات الدولية تصل إلى مطار بورت أو برنس وموضحة أنه بدأ توزيع المياه والمواد الغذائية على سكان هاييتى.
على صعيد آخر، اتهم رئيس نيكاراجوا دانيل أورتيجا الولايات المتحدة بالسعى إلى «استغلال المأساة» التى خلفها الزلزال لإرسال قوات عسكرية إلى هاييتى، وذلك بعد أن «فرضت القوات الأمريكية سيطرتها على مطار بورت أو برنس»،
مضيفا أنه «لا يوجد أى منطق يبرر تواجد القوات الأمريكية فى هاييتى، فالبلاد فى حاجة إلى مساعدات إنسانية وليس إلى قوات عسكرية، وإرسال قوات عسكرية إلى هاييتى ضرب من الجنون»، معربا عن قلقه إزاء الوضع فى هاييتى، حيث «تعانى من كارثة مريعة تتطلب المزيد من التضامن ونحن نقوم بإرسال المساعدات الممكنة».