موضوع الندوة : كيف وقع الاختيار على مدينة الإسكندرية عاصمة للثقافة الإسلامية
· المحاضر: الأستاذ/ إبراهيم عناني – عضو اتحاد المؤرخين العرب 0
· وتم تقديم وتعريف الأستاذ / إبراهيم عناني للسادة الحضور ثم قام سيادته بإبراز دور الإسكندرية و مكتبة الإسكندرية القديمة و الجديدة في جعل هذه المدينة محط أنظار العالم كله كمنارة للحضارة والعلم والثقافة، ووصل درجة الاهتمام بالكتب لدرجة أنهم كانوا يبادلون أسرارهم بالكتب 0
والمعروفة اختصارا باسم ( الأيسيسكو Isesco) والتي حددت أهدافا عديدة في إطارها ، منها ما يعرف بمشروع عواصم الثقافة الإسلامية ، حيث تختار عاصمة إسلامية للاحتفاء بها إظهارا لدورها في الثقافة الإسلامية على المستوى المحلى والوطني والعالمي ، فقد قررا لمؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة والذي عقد بالجزائرفى ديسمبر سنة 2004 م – اختيار مدينة الإسكندرية عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2008م في المنطقة العربية0
مبررات الاختيار:
جاء اختيار مدينة الإسكندرية عاصمة للثقافة الإسلامية للاحتفاء بها تقديرا لدورها التاريخي في ترسيخ الثقافة الإسلامية ونشرها، وإظهارا لهذا الدورالكبيرعلى المستوى المحلى والوطني والعالمي ، ولم يكن هذا الاختيار وليد الصدفة بل مرتكزا على مبررات عديدة أبرزها ما يلي :
1. موقع الإسكندرية الجغرافي الممتاز كملتقى حضاري بين الشرق والغرب ، منذ نشأتها في سنة 332 قبل الميلاد، ومركز للثقافة والحضارة في حوض البحر المتوسط من خلال مكتبتها القديمة ودار الحكمة بها والتي جعلت من المدينة عاصمة العالم الثقافية في العصر البطلمي وأعظم مراكز الحضارة به 0
2. عراقة تراث الإسكندرية الثقافي الذي رسخت جذوره منذ ثلاثة وعشرين قرنا – وما تزال حتى الآن مركزا لإشعاع ثقافي متعاظم في دوائر متعاقبة محليا، ووطنيا، وعربيًا، وإسلاميًا ودوليًا 0
3. أن الإسكندرية – ومنذ أن أشرق نور الإسلام في ربوعها في القرن السابع الميلادي – أصبحت مساجدها ومعاهدها الإسلامية مراكز ثقافية عامرة بأعلام الدين، واللغة، والفقه، والتصوف 0
4. تجلى دور الإسكندرية الثقافي في العصر الإسلامي بعد أن بدأت تتصل بالمغرب العربي ، والأندلس – اتصالا وثيقا منذ أوائل القرن العاشرالميلادى ، وأصبحت أول مدينة ينزل بها حجاج المغرب والأندلس وهم في طريقهم إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج ، ولذلك أسماها الجغرافيون الكلاسيكيون باسم ( باب المغرب ) 0
5. حملت الإسكندرية لواء التصوف مبكرا ، ووفد إليها أعلام التصوف في القرن الثالث عشر الميلادي ( السابع الهجري ) منهم : أبو الفتح الواسطي ، وأبو الحسن الشاذلي ، وأبو العباس المرسى ، وابن عطاء الله السكندري ، والبوصيرى وغيرهم 0
6. زار الإسكندرية عبر تاريخها الإسلامي رجال كثيرون مسلمون وغير مسلمين وصفوها عمرانا وسكانا وثقافة ، وتم ذلك في عصور الإزدهاروعصورالإنكسار التي شهدتها المدينة منذ الفتح العربي لها ، وحتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادى0
7. تحظى الإسكندرية اليوم – بآثار إسلامية قيمة لعل من أبرزها قلعة قايتباي ومجمع المساجد ، ومسجد العطارين ، وبقايا سور الإسكندرية ، وصهريج تاريخي للمياه 0
8. كان للأوقاف دور كبير في الحفاظ على عطاء الإسكندرية في الثقافة الإسلامية وليس حديثا بل يرجع إلى زمن بعيد منذ العصر الأيوبي – عندما أوقف الناصر صلاح الدين الأيوبي أوقافا خاصة للصرف على الوافدين إلى الإسكندرية ، وعبر( ابن جبير) عن ذلك في رحلته المشهورة والتي زار فيها الإسكندرية سنة 1183 م ( 578 هـ ) 0
9. كانت جذوة الثقافة الإسلامية في الإسكندرية متقدة حتى في عصورالإنحدار التي شهدتها المدينة ، سواء بعد تحول التجارة عنها بعد كشف طريق رأس الرجاء الصالح عام 1498م ، أو في عصرها العثماني الذي فقدت فيه كثيرا من مظاهر ازدهارها القديم ، وظهر ذلك في استمرار دورها على المستوى المحلى حتى جاء عصر الإحياء في عهــد محمد على سنة 1805وما بعدها 0
10. تعاظم دور الإسكندرية في الثقافة الإسلامية في القرنين التاسع عشر والعشرين ، وتمثل ذلك في تعدد الأدوار التي قامت بها في التعليم والثقافة والإعلام والصحافة ،وهى كلها روافد للثقافة أسهمت بها الإسكندرية على المستوى الوطني والعالمي ، ولعل في إنشاء جامعة الإسكندرية بها عام 1942م ،وإحياء مكتبة الإسكندرية عام 2002م خير دليل على ذلك 0
11. كانت الإسكندرية – وماتزال – مدينة للتعايش والتسامح بين الديانات السماوية الثلاث اليهودية ، والمسيحية ،والإسلام – وغيرها من المعتقدات ، و تجلى ذلك في معابدها ، وكنائسها ، ومساجدها حتى أصبحت مدينة عالمية Cosmopolitan تتعايش فيها مختلف الثقافات تحت مظلة الثقافة الإسلامية السامية والمعتدلة 0