الحجاب لغة هو الساتر، وحجب الشئ أي ستره، وامرأة محجبة أي سترت بستر, وجميع علماء الإسلام يرون وجوب الحجاب على المرأة وإن كانوا يختلفون في هيئته فمنهم من يرى أنه ستر جميع جسدها بما فيه وجهها، ويرى آخرون جواز كشف الوجه والكفين.
كلمة الحجاب في التراث الإسلامي تشير للآية التي وردت في سورة الأحزاب، بمعنى حجاب نساء النبي صلى الله عليه وسلم يقصد حجب أشخاصهن عن الخروج للشارع أو الطريق، وهي التي جاء فيها قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعاً، فاسألوهن من وراء حجاب) ساتر يحجبهن عن الناس، هذا الحجاب وهو في الرأي الصحيح خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الآن فكلمة الحجاب أصبحت عرفاً شائعاً يقصد به أن تغطي المرأة جسمها ما عدا وجهها وكفيها، وبالذات تغطية الرأس، أو ما يعرف الخمار الذي قال الله فيه (وليضربن بخمرهن على جيوبهن).
والحجاب ليس مجرد ظاهرة اجتماعية، بل ظاهرة اجتماعية إسلامية توارثه المسلمون منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مرورا بالعهود الإسلامية كلها وحتى الان.
ولا شك ان الحجاب فريضة دينية فرضه الله تبارك وتعالى على نساء المسلمين، وواضح هذا في القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة عليه.
قال تعالى في سورة النور (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن).
جاء عن ابن عباس وعن عائشة وعن أنس وعن عدد من الصحابة وعن عدد من التابعين، أن ما ظهر منها "الوجه والكفان"، وأحياناً يقولون "الكحل والخاتم"،
فالحد الأدنى أنه يجوز للمراة أن تكشف وجهها وكفيها وتغطي ما عدا ذلك.
وقال تعالى في سورة الأحزاب (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين).
وقد كان الحجاب معروفاً لدى نساء المؤمنين طوال العصور، وأجمع فقهاء الأمة من كل المذاهب وكل الفرق سنة وشيعة وزيدية، وجميع فرق الأمة وطوائفها على مشروعيته.
شروط الحجاب
يعتقد البعض ان الحجاب = غطاء الرأس فقط، لكن للحجاب معنى أوسع من ذلك وأشمل، إذ للحجاب ثماني شروط ليكون صحيح كما يرى فقهاء الإسلام الأوائل وهذه الشروط هي:
- أن يستر جسد المراة كله, ما عدا الوجه والكفين.
- ألا يكون زينة في نفسه، أو مبهرجا ذا ألوان جذابة تلفت الأنظار، لقوله تعالى:{ و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } [ النور :31 ].
- ألا يكون رقيقا يشف ما تحته من الجسد.
- أن يكون فضفاضا غير ضيق ولا يجسم الجسد.
- ألا يكون الثوب معطرا، فعن زينب الثقفية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيباً" [رواه مسلم والنسائي].
- ألا يكون الثوب فيه تشبه بأزياء الرجال، للحديث الذي رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة ، و المرأة تلبس لبسة الرجل).
- ألا يشبه زي غير المسلمين.
- ألا يكون ثوب شهرة، أي الذي يقصد بلبسه التفاخر بين الناس كالثوب الثمين
برغم أن الحجاب عمره يتجاوز الألف وخمسمائة عام .. إلا أن الجدل يثور في كل مرة حوله بعد تصريحات من هذا أو ذاك ويعود الجدل حول مشروعيته ومركزه في الإسلام..
في كل مرة يطلق هذا المسئول أو ذاك المشهور تعليقا ناريا حول الحجاب ثم لا تلبث الأصوات أن تثور ضده فيتراجع بالحجة الجاهزة .. "لم أكن أقصد" .. أو "لقد فسرت تصريحاتي بشكل خاطئ" .. !!
ربما أصبح من المعتاد أن يتعرض الحجاب - وهو من الثوابت الإسلامية القوية والمميزة للمرأة المسلمة حول العالم - لدعوات وانتقادات مختلفة بين الحين والاخر .. قبل أن يتراجع أصحابها تحت ضغوط المجتمعات الشرقية المحافظة .. وتعود قصة الحجاب إلى الظل مؤقتا قبل أن تبرز مجددا في وقت قصير.
ربما نختلف أو نتفق مع بعض مطلقي هذه الدعوات، ليس فيما يدعون إليه، ولكن في مدى حريتهم في انتقاد ما يرفضونه أيا كان، ولكن أليس من المفترض أن تكون الثوابت الدينية بعيدة كل البعد عن إطار الانتقادات؟