لما ابتلى الله سبحانه وتعالى نبيه ايوب عليه السلام بالبلاء الشديد
وذهبت امواله وولده ومواشيه وابتلى في نفسه بالمرض الشديد لم يبق من اهله من يخدمه
ويقوم على رعايته والعناية به سوى زوجته رحمة.
ولكن دعونا نتعرف على هذه المرأة الكريمة التي لازمت زوجها ايوب في مرضه العضال تمرضه
وتخدمه بعد ان انفض عنه الاهل والاقارب.
ذكرها الثعلبي في كتابه (العرائس):
رحمة بنت افراثيم بن يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن خليل الرحمن ابراهيم عليه السلام هكذا
اتفقت اغلب المصادر القديمة على نسبها وهو ما ذكره ايضا ابن الاثير في كتابه (الكامل).
وقد روى لنا القرآن الكريم قصة ايوب عليه السلام ومرضه. وكيف انه كان صابرا (نعم العبد انه اواب).
يقول ابن الاثير والمسعودي عن حديث ايوب عليه السلام عندما ابتلي بالمرض ولم يبق له من المال
والولد شيئا،كانت رحمه زوجة لا تفارقه ليلا ولا نهارا وقد رفضه جميع الناس، وقالوا لرحمة:
اخرجيه من قريتنا فأخرجته رحمة وذهبت به الى خارج القرية بالفلاة وافترشت له التراب
فكانت ـ رضي الله عنها ـ تسهر على خدمته طوال الليل.
وذكر النيسابوري ورواه ابن طبارة في كتابه ( مع الانبياء في القرآن) ان رحمة ظلت بجانب
زوجها ايوب عليه السلام وكانت تسهر على راحته وتمرضه. وكانت تذهب الى القرية كل يوم
وتعمل لأهل البيوت حتى تحصل على طعام وتأتي به الى ايوب وكانت تطعمه بيدها وتسقيه الماء.
واورد صاحب كتاب (العرائس) للثعلبي ما رواه وهب بن منبه والسدي: ان رحمة خرجت ذات يوم
لتلتمس طعاما فلم تحصل على طعام لتأتي به الى ايوب فحز ذلك في نفسها واشفقت على زوجها
اذا ما رجعت اليه بدون طعام فقامت على ظفيرتها تقصها وباعتها واشترت بثمنها طعاما لزوجها
وقال محمد بن احمد جاد المولى في كتابه (قصص القرآن):
ان ابليسا لعنه الله تعرض لرحمة في طريقها وكانت قد رجعت من عملها ومعها بعض طعام
فوقف لها في الطريق بصورة شيخ وقال لها: أين زوجك؟
قالت : هو هذا عميدا وقيذا يتضور من الحمى ويتقلب مما الح عليه من الداء لا هو ميت فينعى
ولا هو حي فيرجى.
فلما سمع قولها طمع في اغوائها فأخذ يذكرها بما كان لزوجها في صدر شبابه وغضاضة
أهابه من صحة وعافية ونعمة صافية.
فأعادت لها الذكرى الاشجان واثارت لديها كوامن الاحزان ثم اخذ يدركها الفجر وينساب
الى قلبها اليأس.
قالوا: وذهبت الى ايوب وقالت : الى متى هذا العذاب؟ لو طلبت من ربك ان يعافيك.
قال استحي ان اطلب من الله رفع بلائي وما قضيت فيه مدة رخائي ولكنه يخيل لي
انه بدأ يضعف ايمانك ويضيق بقضاء الله قلبك ولئن برئت واتتني القوة لأضربنك مائة سوط
وحرام بعد اليوم ان آكل من يديك طعاما او اشرب شرابا او أكلفك امرا او عناء
فأغربي عني حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.
ولكن رحمة وهي المرأة المثالية والزوجة المخلصة الوفية شق ذلك عليها وابت نفسها الكريمة
ان تتركه وشأنه فقد رق قلبها وظلت تبكي فكيف تستطيع أن تتركه وشأنه وقد لزمته من
اول مرضه وكانت من قبل قد شاركته في نعمائه.
قالوا : وقد رجعت اليه تعاوده اصلاح شأنه والقيام بأمره فرأت عجبا
رأت شابا مكتمل الشباب غض الاهاب مكنز اللحم فانكرته بادئ الامر ولكنها ما عرفته
حتى عانقته وحمدت الله على ما رد اليه من صحة وعافية وهو اوفى ما يكون ايمانا ويقينا.
هنا تذكر ايوب القسم الذي اقسمه ليضربن رحمة مائة ضربة وندم على يمينه فأوحى الله اليه
ان خذ حزمة من القش واضرب بها رحمة ضربا خفيفا رخصة لك في يمينك ورحمة بهذه المخلصة
الوفية المؤمنة التي احتملتك في مرضك وشاركتك في آلامك ويذكر صاحب كتاب (الروض الآنف):
لما اوحى الله تعالى الى ايوب (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) فركض ايوب فانفجرت له
عين ماء فدخل فيها واغتسل فاذهب الله تعالى عنه كل بلاء.
قال : ثم خرج وجلس فاقبلت امرأته رحمة فقامت مترددة كالوالهة ثم قالت يا عبدالله هل لك
علم بالرجل المبتلى الذي كان هاهنا؟
فقال: لها هل تعرفينه اذا رأيتيه؟
قالت: نعم ومالي لا اعرفه.
فتبسم وقال: انا هو فعرفته بمضحكه فاعتنقته.
رضي الله عن رحمة الزوجة المثالية والمخلصة الوفية الناصحة[u]