استأذن أبو نواس خلفًا الأحمر في نظم الشعر، فقال له: لا آذن لك في عمل الشعر إلا أن تحفظ ألف مقطوع للعرب ما بين أرجوزة وقصيدة ومقطوعة. فغاب عنه مدة وحضر إليه، فقال له: قد حفظتُها. فقال له خلف الأحمر: أَنشِدْها. فأنشده أكثرها في عدة أيام. ثم سأله أن يأذن له في نظم الشعر، فقال له: لا آذن لك إلا أن تنسى هذه الألف أرجوزة كأنك لم تحفظها. فقال له: هذا أمرٌ يصعب عليَّ، فإني قد أتقنت حفظها. فقال له: لا آذن لك إلا أن تنساها. فذهب أبو نواس إلى بعض الأديرة، وخلا بنفسه، وأقام مدّة حتى نسيها. ثم حضر فقال: قد نسيتها حتى كأن لم أكن حفظتها قط. فقال له خلف: الآن انظم الشِّعر!
من كتاب "أخبار أبي نواس" لابن منظور.