بسم الله الرحمن الرحيم
احبائى
أعيش هذه الأيام حالة من التقلب المزاجي، قادتني إلى الإحساس بشدة بانكسار
حاجز الزمان بين مشاعر ولحظات الماضي والحاضر. فصار ما يحدث لي بالأمس
القريب أشعر أنه حدث منذ فترة طويلة، وما حصل منذ سنوات أشعر به كما أنه
قريب وحصل بالأمس.
ولا أكذبكم القول
أني أقضي وقتا ممتعا مع هذا الشعور، فليس أفضل من أن تعيش بعض لحظات
الذكريات، شرط أن تكون تستطيع الوصول إلى الأحداث الجميلة منها فقط،
ولا أستطيع أن أتخيل أن يحدث ذلك مع شخص تعود أن ينظر إلى الجانب التعيس
من الأحداث، لأن مخزونه من الذكريات سيكون مؤلما.
وقد يكون الشيء الوحيد المقلق في الموضوع أن هذا الشعور قد أعاد تساؤلي
لقضية فكرية قديمة كانت تشغلني لفترة من الزمن، وهي حكاية الوجود في مساحة
زمنية معينة.
فقد حاولت أن أحسب الوقت الفعلي الذي نقضيه فيما يسما بلحظة الحاضر. وقد صعقت
عندما تبين لي أن ذلك شيء شبه مستحيل
الشيء الوحيد الذي اصبحت متاكد منه بعد هذه المحاولة، أن الواقع والحياة والوجود
هي ليست بالبساطة التي نتصورها، أو بالشكل الذي تظهره بها حواسنا. وأن الزمن
(ذلك المجهول) يحمل أسرارا تجعل الحياة أكثر
تشويقا متى ما علمت أن هناك تصور لأكثر من واقع تستطيع أن تراه.
سأستغل قدر الإمكان هذه النافذة الزمنية المفتوحة على الماضي، فقد أرتني كم هم
الأشخاص الذين يعيشون في حياتي جميلون جدا، وكم أنا غني بوجودهم حولي،
وأن أكبر انجاز حقيقي تسجله في حياتك أن تكون قد أحطت نفسك بمجموعة
من الشخصيات التي تثير الحياة من حولك، وأن تكون أنت بالمقابل قد
أثريت حياتهم بوجودك.
احبائى
إذا كان الزمان خط مستقيم أنت في منتصفه، والماضي خلفك، والمستقبل أمامك،
فما هو طول اللحظة التي تعيشها وتعرف بالحاضر؟ وهل يمكن قياسها زمنيا؟
وماذا يعني إذا لم تستطع أن تقيسها؟
وهل ينفي ذلك فكرة أنك موجود أصلا؟!
ولكم جزيل الشكر