خل الحسن بن صالح يوما السوق،فرأى هذا يخيط، وهذا يصبغ، فبكى وقال: انظر إليهم يتعللون حتى يأتيهم الموت.
وهذا زين العابدين علي بن الحسين: كان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به، ولما مات وغسلوه جعلوا ينظرون لآثار سوادٍ في ظهره، قالوا: ما هذا؟ فقيل: كان يحمل جراب الدقيق ليلاً على ظهره، يعطيه فقراء أهل المدينة، كان أناس يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كان يأتيهم في الليل.
وهذا داوود بن أبي هند كانت زوجته تُعِدُّ طعام الإفطار في الصباح، فينوي الصيام، ويأخذ الطعام معه إلى الدكان، فيتصدق به في الطريق، ثم يرجع إلى أهله عند المغرب، فيفطر هنالك لا يظنون إلا أنه مفطر في النهار.
حتى في أشد المواقف وأصعبها كانو لا يتركون عبادة اعتادوها فهذا عَلِيٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه لم يترك وصية النبي صلى الله عليه وسلم له حتى أثناء المعركة فقد ثبت أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ الرَّحَى فِي يَدِهَا وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ وَلَقِيَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَأَخْبَرَتْهَا فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها ِمَجِيءِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها إِلَيْهَا فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَكَانِكُمَا فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ عَلَى صَدْرِي ثُمَّ قَالَ أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَا إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَنْ تُكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَتُسَبِّحَاهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدَاهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنها مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ. رواه مسلم
وهذا أحد عيون المسلمين الساهرة كان يحرس جيش المسلمين في الليل فرمي بسهم وهو يصلي فانتزعه ومضى في صلاته ثم رمي بسهم آخر فانتزعه ومضى في صلاته ثم رمي بثالث فأيقظ صاحبه فقال له : هلا أيقظنتني من السهم الأول فقال له : كرهت أن أقطع صلاتي ولولا خوفي على انكشاف المسلمين لما قطعتها ولمضيت فيها حتى تخرج روحي !!!
وهذا أبو يوسف- تلميذ أبي حنيفة- وهو في مرض الموت زاره تلميذه إبراهيم بن الجراح: يا إبراهيم! ما تقول في مسألة؟ قال: في مثل هذه الحالة وأنت في النزع!! قال: ولا بأس بذلك ندرس لعله ينجو به ناج، ثم قال: يا إبراهيم! أيهما أفضل في رمي الجمار: أن يرميها ماشياً أو راكباً؟ قلت: راكباً، قال: أخطأت، قلت: ماشياً، قال: أخطأت، قلت: قل فيها- يرضى الله عنك-، قال: أما ما كان يوقف عنده للدعاء في الجمرة الأولى والثانية فالأفضل فيها ماشياً، وأما ما كان لا يوقف عنده- أي الجمرة الأخيرة الكبرى- فالأفضل أن يرميه راكباً، ثم قمت من عنده، فما بلغت باب الدار حتى سمعت الصراخ عليه، وإذا هو قد مات - رحمه الله-