novo_121 المدير الإدارى
عدد الرسائل : 15950 العمر : 43 العمل/الترفيه : محامي المزاج : الحمد لله الاوسمه : تاريخ التسجيل : 18/04/2008
| موضوع: من أسرار القرآن الإثنين 21 أبريل - 15:06 | |
|
بقلم: د. زغلـول النجـار 260ـ ج وقال الملك إني أري سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وآخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون * يوسف:43* هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في بدايات الثلث الثاني من سورة يوسف, هي سورة مكية, وآياتها(111) بعد البسملة), وقد سبق لنا استعراض هذه السورة المباركة, وتلخيص ما جاء فيها من أسس العقيدة, والإشارات الكونية, ونركز هنا علي الدلالات التاريخية والعلمية التي جاءت في الآية الثالثة والأربعين من سورة يوسف, وهي الآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال:
من الدلالات التاريخية والعلمية للآية الكريمة أولا: في قوله ـ تعالي ـ: وقال الملك...: يعجب قارئ القرآن الكريم من وصف حاكم مصر في زمن نبي الله يوسف( عليه السلام) بلقب الملك الذي جاء في خمسة مواضع من سورة يوسف, بينما جاء وصفه في زمن موسي( عليه السلام) بلقب فرعون مصر أو الفرعون, وقد أورد القرآن الكريم لقب فرعون أربعة وسبعين(74) مرة في عرض قصة نبي الله موسي( عليه السلام), والسبب في ذلك أن نبي الله يوسف( عليه السلام) عاش في مصر أيام حكم الهكسوس( أي الملوك الرعاة), وذلك في الفترة من(1730 ق.م) إلي(1580 ق.م), وكان حكام الهكسوس يلقبون بالملوك وليس بالفراعنة, بينما عاش نبي الله موسي( عليه السلام) في زمن رمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشرة المعروف باسم فرعون الاضطهاد, أو فرعون التسخير, الذي حكم مصر في الفترة من(1301 ق.م) إلي(1234 ق.م), ومات ونبي الله موسي في مدين عند أصهاره نبي الله شعيب( عليه السلام) وآله, وخلف رمسيس الثاني ولده الثالث عشر منفتاح( أو منفتا) المعروف باسم فرعون الخروج, وحكم مصر في الفترة من(1234 ق.م) إلي(1224 ق.م), ومات غارقا في أثناء مطاردته لنبي الله موسي( عليه السلام) كما أخبر القرآن الكريم.
ومع العلم بأن الذين خرجوا مع موسي من بني إسرائيل تاهوا أربعين سنة, وأن وفاة موسي( عليه السلام) جاءت بعد انتهاء فترة التيه بقليل, لأن من الثابت أنه لم يدخل أرض فلسطين, فإن وفاته كانت في حدود سنة(1184 ق.م), وبما أنه عاش في مدين عشر سنوات, وعاش في بيت فرعون قرابة عشرين سنة, فإن مولده( عليه السلام) كان في حدود سنة(1264 ق.م), أي أنه عاش نحو ثمانين سنة(1264 ق.م) إلي(1184 ق.م), وفي هذه الفترة كان يطلق علي حكام مصر لقب الفراعنة, ومن هنا جاء ذكرهم في القرآن الكريم بهذا اللقب.
أما نبي الله يوسف( عليه السلام), فقد عاش في حدود الفترة من(1730 ق.م) إلي(1580 ق.م), وكان حاكم مصر ملكا من العمالقة يعرف باسم الريان بن الوليد, كما ذكره مؤرخو العرب, ووجد اسمه منقوشا علي بعض الآثار المصرية القديمة( انظر مؤتمر تفسير سورة يوسف للشيخ عبدالله العلمي), وكان ذلك في الأسرة الخامسة عشرة, أو السادسة عشرة لدولة الهكسوس الرعاة في مصر, وكانت السلالة السابقة عليها في حكم مصر, وهي الأسرة الرابعة عشرة من الفراعنة المصريين, الذين حكموا في وادي النيل سنة(2000 ق.م), بينما كانت السلالة الرعوية المعروفة باسم شاسو أو الهكسوس, أي البدو الرعاة, يتنقلون في شرقي مصر علي حدود البادية فيما يعرف اليوم باسم محافظة الشرقية( أرض جاسان في الكتب القديمة),
وكانوا يتكلمون لغة سامية متفرعة عن اللغة العربية, وكانت قريبة جدا منها, وكان الهكسوس يترقبون ضعف الفراعنة ليغزوهم, وكان الفراعنة حريصين علي مسالمتهم والاستعانة بهم في حروبهم لشجاعتهم, وشدتهم, وجلدهم, وقوة أبدانهم, شأن البدو في كل العصور, وظل الصراع بين ملوك الرعاة وفراعنة مصر حتي سنحت الفرصة لهؤلاء الرعاة بالانتصار عليهم, فاستولوا علي دلتا مصر وحكموها باسم ملوك الهكسوس في أثناء فترة الاضطرابات والفتن في أواخر عهد الأسرة الرابعة عشرة, واستعمروا الوجه البحري كله وبعض أجزاء صعيد مصر, واستولوا علي مدينة( منف أو منفيس) وولوا علي الأراضي التي احتلوها ملكا من بينهم, وانحسر حكم الفراعنة إلي جنوب مصر, الذي كانت عاصمته مدينة طيبة الأقصر, وحكم الهكسوس أغلب شمال مصر, ودامت سيطرتهم عليه لنحو خمسة قرون, حتي قام الفراعنة بإسقاط ملكهم في أوائل القرن السادس عشر قبل الميلاد, وعاد الفراعنة لحكم كل من شمال وجنوب مصر من جديد, موحدين أرض مصر تحت حكمهم مرة ثانية.
وفي فترة دخول نبي الله يوسف( عليه السلام) إلي مصر كانت مملكة الهكسوس في دور انحسارها الذي تقلصت مساحتها فيه إلي مثلث تألفت رءوسه من مينيا القمح وبوبسطة القريبة من مدينة الزقازيق, وبلدة صان الحجر.
ولم يجد يوسف( عليه السلام) صعوبة في التحدث مع الهكسوس الذين كانوا يتكلمون لغة سامية قريبة من لغته, ومن هنا تأتي ومضة الإعجاز التاريخي في الآية الكريمة التي نحن بصددها في قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: وقال الملك... ولم يقل: وقال فرعون, لأن يوسف( عليه السلام) لم يعمل لدي أحد من فراعنة مصر, الذين كان ملكهم في زمن وجوده بمصر قد انحسر إلي جنوب البلاد, وكانت عاصمتهم طيبة الأقصر, وكانت لغتهم الهيروغليفية المصرية القديمة التي لم يكن يوسف( عليه السلام) يعرفها.
وهذه اللمحة المعجزة ـ علي بساطتها ـ هي من جملة البراهين علي أن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله, وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية, في نفس لغة وحيه( اللغة العربية), وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا ليبقي القرآن الكريم شاهدا علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين بأنه كلام رب العالمين, وشاهدا للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة.
وهذا الوصف الدقيق لحاكم مصر في زمن نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ بوصف الملك هو من الأدلة الناطقة علي الدقة المطلقة لكل حرف, وكلمة, وآية أوردها القرآن الكريم, ولكل قاعدة عقدية, أو أمر تعبدي, أو دستور أخلاقي, أو تشريع سلوكي, أو خبر تاريخي, أو إشارة علمية, أو خطاب إلي النفس الإنسانية أو غير ذلك من القضايا المحكمة التي جاءت في ثنايا الآيات المتعلقة بركائز الدين الأساسية من العقيدة, والعبادة, والأخلاق, والمعاملات في هذا الكتاب العزيز.
ومن الثابت أن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بعث خاتما للأنبياء والمرسلين في سنة(610 م), أي بعد أكثر من(2200 سنة) من وفاة أخيه يوسف بن يعقوب( عليهما السلام), فمن غير الله الخالق ـ سبحانه وتعالي يمكن أن يكون قد أخبره بتفاصيل قصة يوسف( عليه السلام) بهذه الدقة والشمول, والإيجاز المعجز دون ترك شيء من التفاصيل ـ؟ وإن قيل إنه كان لليهود بعض الجيوب في الجزيرة العربية علي عهده( صلي الله عليه وسلم) فإن التاريخ يثبت أن غالبية هؤلاء اليهود كانوا من البدو الذين لم يكونوا علي قدر كاف من الثقافة الدينية أو الدنيوية, وكانت صحفهم قد تعرضت للكثير من التغيير, وإن بقيت بها بعض بقايا الحق القديم.
ثانيا: في قوله ـ تعالي ـ علي لسان ملك مصر:.. إني أري سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات: هذه الرؤيا المنامية رآها ملك مصر علي عهد نبي الله يوسف( عليه السلام) في زمن حكم الهكسوس الرعاة العماليق لشمال مصر, وانحسار حكم الفراعنة إلي الجنوب, وكانت عاصمتهم طيبة الأقصر.
ولكون المصطفي( صلي الله عليه وسلم) لم يكن يحسن القراءة أو الكتابة, وكان ذلك لحكمة يعلمها الله ـ سبحانه وتعالي ـ منها ألا يصدق علي هذا الرسول الخاتم دعاوي النقل عن كتب السابقين, وفي ذلك يقول له ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون( العنكبوت:48).
والمتتبع لقصة نبي الله يوسف( عليه السلام), كما جاءت في القرآن الكريم يدرك بوضوح وحدة رسالة السماء المنطلقة من وحدانية الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ, كما يدرك دقة حفظ الوحي السماوي في صورته الخاتمة كما جاءت في القرآن الكريم الذي تعهد ربنا ـ تبارك وتعالي ـ بحفظه فحفظ علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا في نفس لغة وحيه( اللغة العربية), وسيظل محفوظا كذلك إلي ما شاء الله تحقيقا لوعده الذي قطعه علي ذاته العلية. فقال ـ عز من قائل ـ: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون* (الحجر:9). ثالثا: في قوله ـ تعالي ـ:... يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون. من المسلمات أنه لا يوجد ملك بدون حاشية له, وقد عبر القرآن الكريم عن هذه الحاشية بتعبير الملأ, أي الجماعة, وجمعه أملاء, والملأ جماعة يجتمعون علي رأي فيملأون العيون بمجرد الاستماع إليهم, أو هم علي قدر من الهيبة بحيث يملأون العيون بمجرد النظر إليهم, وعلي ذلك يكون ملأ بمعني مالئ أو مليء أو مملوء, لأن لفظة ملأ لا تطلق إلا علي النخبة المختارة من مثل الحاشية التي تختار لبلاط الملوك من العلماء, والحكماء, والأدباء, وأهل الرأي في كل أمر من الأمور.
ومن المنطقي أن يتوجه الملك أول ما يتوجه بالسؤال إلي خاصته وحاشيته في كل أمر من الأمور التي تعرض له, ولذلك قال ـ تعالي ـ علي لسان ملك مصر:... يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون (يوسف:43).
فالحمد لله علي نعمة الإسلام العظيم, والحمد لله علي نعمة القرآن الكريم, والحمد لله علي بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين), وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
سبحان من له ملكوت السماوات و الأرض | |
|
Admin Admin
عدد الرسائل : 77 العمل/الترفيه : موظف الاوسمه : تاريخ التسجيل : 13/04/2008
| موضوع: رد: من أسرار القرآن الإثنين 21 أبريل - 20:21 | |
| جزاكم الله خيرا موضوع رائع | |
|
Admin Admin
عدد الرسائل : 77 العمل/الترفيه : موظف الاوسمه : تاريخ التسجيل : 13/04/2008
| موضوع: رد: من أسرار القرآن الإثنين 21 أبريل - 20:22 | |
| جزاكم الله خيرا موضوع رائع | |
|
القلب الطيب مديرة العلاقات العامه والمتابعه
عدد الرسائل : 18577 الاوسمه : تاريخ التسجيل : 14/04/2008
| |
القلب الطيب مديرة العلاقات العامه والمتابعه
عدد الرسائل : 18577 الاوسمه : تاريخ التسجيل : 14/04/2008
| |
novo_121 المدير الإدارى
عدد الرسائل : 15950 العمر : 43 العمل/الترفيه : محامي المزاج : الحمد لله الاوسمه : تاريخ التسجيل : 18/04/2008
| موضوع: رد: من أسرار القرآن السبت 24 مايو - 10:40 | |
| جزاكم الله خيرا على مروركم الكريم و تعقيباتكم الرائعة | |
|