وسط تضارب في التقارير حول حجم ثروته الحقيقية ، فاجأ الرئيس المصري السابق حسني مبارك يوم الأحد الموافق 20 فبراير الجميع بتقديم إقرار الذمة المالية الخاص به للجهات القضائية المختصة وفقا للقانون .
ونقل التليفزيون المصري عن الممثل القانوني للرئيس السابق القول إن مبارك كان التزم منذ توليه المسئولية بتقديم إقرارات الذمة المالية في مواعيدها القانونية والتي تم مراجعتها بمعرفة الجهات المختصة.
ونفى الممثل القانوني في هذا الصدد ما ذكرته بعض وسائل الإعلام في الداخل والخارج على مدار الأسابيع الماضية من معلومات تتعلق بحجم ثروة مبارك أو أن تكون هناك أرصدة أو أي ممتلكات له بالخارج بما يستهدف الإضرار بسمعته ونزاهته وذمته المالية والإساءة لتاريخه.
ومعروف أنه منذ تنحي مبارك يوم 11 فبراير ، أشارت تقارير إعلامية إلى أن ثروته قد تصل إلى مليارات الدولارات بل وطالب بعض المحتجين بتقديمه للمحاكمة بتهمة تبديد ثروة البلاد.
وأعلن الدكتور أحمد شفيق رئيس مجلس الوزراء المصري يوم السبت الموافق 19 فبراير أن أي إجراء يتعلق بما تردد حول ثروة الرئيس السابق حسني مبارك هو من اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وأضاف شفيق في تصريحات له " لم أسمع عن أي إجراء ولم يصلني أي شيء "، موضحا أن ما يعرفه فقط هو ما يقرأه في الصحف ووسائل الإعلام مثل الآخرين.
وجاءت تصريحات شفيق بعد أن كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في 19 فبراير أيضا عن وجود عشرات الملايين من الدولارات في حسابات تابعة للرئيس المصري السابق حسني مبارك في أحد البنوك السويسرية ، مشيرة إلى أن تلك الأموال تابعة للرئيس السابق وأسرته وخمسة من المقربين منه.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن أدريان سولبيرجر المتحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية القول :"إنه تم تجميد أرصدة للرئيس المصري السابق وأسرته والمقربين منه في حدود عشرات الملايين من الفرانكات السويسرية وإن كان لم يتم تحديد المبالغ ونصيب كل منهم حتي الآن".
وتابع " عقب تنحى الرئيس مبارك في الحادي عشر من فبراير ، طلب المسئولون السويسريون من جميع بنوك الدولة السويسرية بالبحث وتجميد جميع أصول مبارك وعائلته وأربعة وزراء وأحد كبار المسئولين المعتقل حاليا في سجن المزرعة " ، في إشارة إلى أحمد عز.
وأضاف المسئول السويسري أن عملية البحث والتنقيب عن أرصدة أخرى لمبارك وأسرته والمحيطين به لاتزال مستمرة ، موضحا أن الإجراء السويسرى تجاه أرصدة مبارك يأتي وفقا للقانون السويسرى الجديد الذي يسمح للمسئولين الحكوميين بتجميد حسابات أي زعيم سابق يشتبه بفساده.
مفاجأة "البلاتينيوم"
واللافت للانتباه أن التصريحات السابقة لم تكن الأولى من نوعها في هذا الصدد ، فقد فجر النائب السابق عن حزب التجمع أبو العز الحريري في مقابلة مع قناة "الجزيرة" مساء الأربعاء الموافق 16 مفاجأة مفادها أن مبارك وضع في السنة الثانية من حكمه في رصيده بأحد البنوك السويسرية مادة "بلاتينيوم" تقدر قيمتها بحوالي 19 مليار دولار ، مستندا إلى وثيقة سرية صادرة عن بنك سويسرى وتكشف جانبا جديدا من ثروة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك.
وأشارت الوثيقة التى تناقلتها مواقع "الفيس بوك" و"تويتر" ونشرتها أيضا صحيفة "الوفد" في 16 فبراير إلى قيام مبارك بإيداع مادة ضخمة من معدن البلاتينيوم الخام الذي يدخل في صناعة مجوهرات البلاتين أو ما يعرف بـ''الذهب الأبيض'' تصل إلى 19 طنا و400 كيلو وقدرتها وثيقة البنك السويسري بــ 14 مليار و900 مليون دولار فضلا عن ممتلكات أخرى توالت عمليات ضخها الى البنك بمعرفة الرئيس السابق منذ العام 1982 وتقدر الآن بقيمة 51 مليار دولار.
وحسب الوثيقة المؤرخة من طرف البنك السويسري بتاريخ 11 ديسمبر 1982، فإن مبارك قام بعملية تحويل 19 طنا من معدن البلاتينيوم عبر مساعدة من مكتب بريطاني يسمى ''فلايينغ هورس'' الكائن مقره في لندن وتحديدا في العنوان 711071، وهو شركة متخصصة في المتاجرة في معدن البلاتينيوم ومشتقاته، نحو بنك سويسرا، ليتم حفظها وإيداعها على أساس أنها ممتلكات ثمينة.
وحملت نفس الوثيقة ختم وتوقيع محافظ بنك سويسرا، إلى جانب رقم الحساب الائتماني لمبارك لدى البنك وهو 5.709.40707، وعنوانه في العاصمة المصرية القاهرة.
وتظهر الوثيقة كيف أن مبارك لم ينتظر طويلا للشروع في عملية السطو على ممتلكات الدولة والشعب المصريين بدليل أن الوثيقة السرية لبنك سويسرا مؤرخة في ديسمبر 82، أي بعد عام واحد من اعتلائه السلطة، وهو ما يعني أن الرئيس المصري كون طيلة 30 سنة كاملة ثروات لا تعد ولا تحصى.
وتقدم خالد علي رئيس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في 20 فبراير ببلاغ للنائب العام يطالب فيه بالتحقيق في صدق الوثيقة السابقة ، مشيرا إلى أنه لا يعلم مدى صدق صورة تلك الوثيقة من عدمه ولكنه وجد أنه من الواجب عليه أن يتقدم بها للنائب العام لعلها تفيد إجراءات التحقيق وتساهم في حماية المال العام.
وأرفق علي في بلاغه صورة ضوئية للوثيقة التي نشرها بنك الاتحاد السويسري ، آملا في أن تساعد في مجرى التحقيقات.
يذكر أن معدن البلاتينيوم يعتبر من بين أهم وأندر وأثمن المعادن في العالم حيث تستخدم بعض مشتقاته في عمليات التنقيب عن البترول، إلى جانب مجال البحوث الطبية، فيما كانت شهرة معدن البلاتينيوم نابعة من كونه مصدر تصنيع مجوهرات البلاتين الثمينة، أو ما يعرف في البلدان العربية باسم ''الذهب الأبيض''، الذي يقدر في قيمته بأضعاف قيمة الذهب الأصفر ، وهناك أقاويل حول أن البلاتينيوم وقيمته آنذاك 19 مليار دولار أي أكثر من 160 مليار دولار حاليا كان من ضمن احتياطي البنك المركزي المصري وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد قام الرئيس المصري الراحل أنور السادات بالإستيلاء عليه وسرعان ما ضمه مبارك لرصيده