ا
«يرجى استخدام تليفون معتمد لتجنب قطع الخدمة، تنفيذاً لقرار مرفق الاتصالات».. هذه هى الرسالة النصية التى تلقاها أكثر من ١٥ ألف مستخدم، قبل أن تقطع شركات المحمول الثلاث الخدمة عنهم، بعد قرار جهاز تنظيم الاتصالات بإلزام شركات المحمول بقطع الخدمة عن أى مستخدم يحمل «عدة تليفون صينى» مهربة أو مقلدة، ولا يوجد لها «رقم تسلسلى».
«الحكاية شكلها جد ولا إيه»، هكذا علّق أسامة جمال على التقرير الذى نشرته «المصرى اليوم»، «الموبايل الصينى.. مملكة تتهاوى»، وتباينت تعليقات القراء على الموقع الإليكترونى للجريدة، ما بين قلة مؤيدة للقرار بسبب كثرة أعطال الأجهزة «الصينية المقلدة»، حسب ما قاله أمجد على. الأصوات المؤيدة بدت خافتة فى ظل وجود أصوات كثيرة معارضة للقرار. محمد محمود علَّق قائلاً «أنا عندى أربع ولاد ومعنديش مقدرة أشترى تليفونات أصلية اشتريت أربعة أجهزة صينى بـ٢٠٠٠ جنيه بالتقسيط، وبعدين أكسر خاطر أولادى.. ربنا يكسر بخاطر الناس اللى عاوزه تدوس على الغلابة».
وفسّر حلمى شعبان القرار بأنه لصالح الشركة العالمية المسيطرة على السوق مثل نوكيا وليس لصالح الشعب، وتساءل: «أين كانت الحكومة عند بيع هذه الأجهزة، ومن الذى وافق على دخولها وهى غير آمنة وفيها كل هذه العيوب، كما يقولون. واقترح محمد كامل، أحد مستخدمى الأجهزة الصينى، أن تتحمل الحكومة وشركات المحمول والتجار والمستخدمون جزءاً من تلك الخسائر.
الشبكة الاجتماعية الشهيرة «facebook» كان لها دور أيضاً فيما يمكن أن نطلق عليه «الحملة الشعبية ضد قرار جهاز تنظيم الاتصالات، والذى طالب مؤسسوه بالتعويض، ومحاكمة الشخصيات المسؤولة عن دخول هذه الأجهزة المهربة.
وعلى العكس تماماً، رحب معتز حسن، بقرار جهاز تنظيم الاتصالات وأسس «جروب» تحت اسم «كارهين الموبايل الصينى»، وعلل ذلك بأن «الموبايلات الصينى»، تضر بالذوق العام للمواطنين، وتساعد على ثقافة التقليد والغش، ويضيف: «أغلب مستخدمى هذه الأجهزة يقومون بتشغيل الأغانى بأصوات مرتفعة تزعج ركاب المواصلات العامة».
مع الأيام الأولى لتنفيذ القرار سادت حالة من الارتباك فى ظل عدم وجود معلومات محددة عن الأجهزة التى ينطبق عليها قرار تنظيم الاتصالات، وحسب خالد حجازى مدير العلاقات الحكومية بشركة فودافون، فإن الخدمة ستكون محظورة فقط على الأجهزة وليس الخطوط.
وحول إمكانية تعويض المشتركين، لم يستبعد مدير العلاقات الحكومية بفودافون هذه الخطوة وقال «ندرس حالياً تقديم حلول بديلة للعملاء المتضررين، ولكننا لم نصل إلى تصور نهائى بعد»، وهو ما وافق عليه أيضاً حسان قبانى الرئيس التنفيذى لشركة موبينيل، وقال «نفكر فى تقديم بعض الأجهزة الأصلية المعتمدة بالتقسيط»، واقترح أن يكون الدفع باستخدام نظام الخصومات على كروت الشحن».
الموقف فيما يخص شركة «اتصالات» لم يتضح بعد وإن كان متوقعاً أن تحذو حذو الشركتين الأخريين فى حالة ما إذا قدمتا عروضاً لتعويض المستخدمين، وكانت «اتصالات» التزمت بحصتها بقطع الخدمة عن ٥ آلاف «عدة تليفون».
أحد أبرز الأسباب التى ساقها جهاز تنظيم الاتصالات لهذا القرار هو تأثير هذه الأجهزة على جودة شبكات المحمول، ويؤيد ذلك حسان قبانى، قائلاً: هذا صحيح، بالإضافة إلى الحفاظ على صحة المستخدمين من أضرار هذه التليفونات والتى تم إثباتها بالتجارب العملية».
وأكد الدكتور مدحت ميشيل أستاذ جراحة المخ والأعصاب، أن هناك أضراراً ثابتة على المخ من جراء استخدام أجهزة التليفونات غير الأصلية»، وأضاف «الأجهزة العادية لها تأثيرات مضرة فما بالنا بالأجهزة المقلدة التى لا تخضع للمواصفات القياسية».
ورغم عدم وجود أى دراسة متخصصة عن الأضرار الصحية للموبايلات فى مصر، فإن الدكتور «مدحت يقول تكثر مع الأجهزة الأشعة الضارة، والتى قد تصيب بالصداع وبعض التشنجات».
ورجع جمال عيد المدير التنفيذى للشبكة العربية لحقوق الإنسان أن تكون هناك أياد خفية وراء هذا القرار، معتبراً أن مبررات جهاز تنظيم الاتصالات واهية، مشيراً إلى أن المستخدم له الحق فى استخدام ما يريده طالما كان مناسباً لظروفه المعيشية».
ورغم أن ملف «الموبايل الصينى»، مفتوح منذ فترة إلا أن السؤال حول عدد هذه الأجهزة مازال بدون إجابة، وفى حين رفض جهاز تنظيم الاتصالات وشركات المحمول التصريح بهذا الرقم، وقدره تجار شارع عبدالعزيز ووكلاء وموزعى شركات المحمول بأنه أكثر من ٥ ملايين جهاز، وقد يصل الرقم إلى ٧ ملايين.
وهاجم الكثير من الخبراء والمستخدمين والتجار، سياسة التكتيم التى اتبعها جهاز تنظيم الاتصالات فى معالجة هذه المشكلة، بداية من ترك المشكلة دون حل أو تحذير حتى انتشرت، وعندما قرر الحل لم يعط أى معلومات أو بيانات عن تلك الأجهزة، التى كانت ولاتزال تباع فى «المحال» بصورة شرعية.
وحسب تجار شارع عبدالعزيز، فمتوسط أسعار أجهزة الموبايل الصينى يترواح ما بين ٤٠٠ و٩٠٠ جنيه، حسب مواصفاته وإمكانياته، أى أننا نتكلم عن أكثر من ١.٥ مليار جنيه على أقل تقدير ستذهب أدراج الرياح.
ويوضح على فهمى طلبة، رئيس شركة دلتا للاتصالات، «أن نسبة الموبايل الصينى فى السوق تصل إلى ٢٠٪ تقريباً حسب ما تم بيعه فى العامين الأخيرين، مرجحاً أن يكون الدافع الأمنى وراء هذا القرار، فى ظل وجود ملايين المستخدمين الذين يحملون أجهزة لا تحمل «رقماً مسلسلاً» مميزاً، مما يصعب معه تعقب الجناة فى أى جريمة.
من جانبه كشف محمود عمران سكرتير عام شعبة المحمول باتحاد الغرف التجارية ومستورد أجهزة محمول صينى «معتمدة» كما يقول، أشار إلى أن تجارة المحمول بصفة عامة «المهربة والمعتمدة» أصيبت بالشلل التام نتيجة لهذا القرار، وهناك أكثر من ٥٠٠ شكوى تقدم بها التجار حتى الآن.
وحول جهود التنسيق التى تمت بين الجهاز والتجار، أوضح أن هناك طلباً لاجتماع بين الشعبة والدكتور عمرو بدوى رئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات وأشار إلى أن التجار سيطالبون الجهاز بتحديد الأنواع التى تم إيقافها نظراً لوجود تليفونات صينية معتمدة فى السوق.
كان الكثير من الأقاويل تردد حول قدرة بعض المهندسين والفنيين على تشغيل الأجهزة التى سيوقفها جهاز تنظيم الاتصالات، وهو ما واجهه الدكتور عمرو بدوى قائلاً: «المشكلة ستكون فى الرقم التسلسلى» الموجود عليه وأضاف: «حتى لو نجحوا فى ذلك سنتتبع ونغلق جميع مراكز الصيانة التى تقوم بتشغيل هذه الأجهزة مرة أخرى».
نظراً للحيرة التى انتابت الكثير من المستخدمين حول شرعية أجهزتهم يقول أحمد خليل مهندس صيانة موبايلات: «إذا كان المستخدم لا يعلم إذا كان موبايله سيتوقف عن الخدمة أم لا، فما عليه إلا القيام بالخطوات التالية عن طريق الضغط على «&##1632;٦#*» ليظهر الـ«Serial Number» الخاصة بالجهاز وهو مكون من ١٥ رقماً، ويبدأ برقم ٣٥، أما إذا زاد أو اختلف عن ذلك فهذا الجهاز ليس معتمداً.
وبالرغم من أن جهاز حماية المستهلك قد تخلى عن مسؤوليته تجاه المستخدمين فى تلك القضية وأوكلها لجهاز تنظيم الاتصالات، فإن المهندس سعيد الألفى رئيس جهاز حماية المستهلك انتقد تعامل الجهاز مع تلك القضية، موضحاً أن جهاز الاتصالات لم يحدد نوع الماركات التى سيتم حظرها وإيقافها، بالإضافة إلى عدم توعية المستخدم بخطورة الاحتفاظ بتلك الأجهزة بعد إيقافها نظراً للأضرار الناتجة عنها من إشعاعات ومواد مضرة.
وأضاف: «انطلاقاً من حق المستهلك كان يجب على الجهاز أن يعلن عن أرقام ساخنة لتلقى الشكاوى والاستفسارات، موضحاً أن الجهاز اكتفى بوضع الموقع الإلكترونى فقط فى إعلاناته وهناك كثير من المستخدمين ليس لديهم إنترنت حتى يتمكنوا من الدخول عليه والاستعلام، واختتم كلامه قائلا: «إحنا عندنا أزمة ضمير».