عندما فاز منتخب مصر بكاس الأمم الأفريقية قبل عامين فى غانا بأفضل، وأجمل أداء طرحت السؤال التالى: كيف يفوز فريق لا يضم سوى ثلاثة محترفين على فريق يضم 30 محترفا فى أقوى الأندية الأوروبية.. وأعدت صياغة السؤال بالأرقام، فكيف يفوز فريق ثمنه 50 مليون جنيه على فريق يساوى مليار جنيه؟!
يومها شرحت وأجبت وفسرت.. وكان أهم تفسير أن اللعب للوطن يهزم من يلعب للفريق. لكن كانت هناك أسباب أخرى وراء تفوق منتخب مصر بلاعبيه، الذين يلعبون فى الدورى المحلى على منتخبات أفريقية يلعب نجومها فى «جنة الإحتراف الأوروبية».. ومنها الألفة، والتوحد، والانسجام، وروح الجماعة.. لكن فى نفس العام وعقب انتهاء بطولة غانا 2008 كانت هناك أسئلة أخرى طرحتها، ومن ضمنها:
كيف لعب حسن شحاتة مباريات غانا بثلاثة عشر مركزا نفذ واجباتها 11 لاعبا؟ هل استند شحاتة على الحظ والبركة كما يقول أهل الطاولة أم أن أسلحتنا هزمت أسلحة الآخرين، وأدواتنا تفوقت على أدوات الآخرين؟
أسئلة تنتظر إجابات
!
اليوم فزنا باللقب الثالث على التوالى.. والسابع فى تاريخنا. وكى يحطم أى فريق آخر هذا الإنجاز عليه أن يفوز بكأس الأمم أربع مرات متتالية، وهو أمر يتحمل مسئوليته أجيال وأجيال إن أتت تلك الأجيال فى القارة؟!
اليوم أيضا يجب أن نقف وسط الاحتفال، ونفكر ونسأل: كيف تحقق الإنجاز الفريد؟ كيف لعبنا؟ كيف هزمنا كل المنافسين؟ كيف حققنا الفوز فى بعض المباريات بتسعة مراكز و11 لاعبا؟!
علينا أيضا أن نسأل بوضوح: هل أصبح منتخب مصر قويا جدا فجأة فى السنوات الخمس الأخيرة، وضعفت المنتخبات الأفريقية المنافسة فجأة هى الأخرى؟ هل أصبحت بطولة أفريقيا أضعف مما كانت فى السابق؟ وهل كانت البطولات السابقة حقا أقوى من البطولات الحالية أم أن تفسير قوتها كان فى الواقع تبريرا لضعفنا؟
هل يحتفل المصريون وحدهم بإنجازات كرة القدم لتعويض الإخفاق فى مجالات أخرى.. هل هذا التفسير السياسى والاجتماعى دقيق.. أم أن الاحتفالات الصاخبة شهدتها ألمانيا وكوريا واليابان ودولا متقدمة فى مجالاتها المختلفة أيضا.. بما يعنى أن هذا التفسير الاجتماعى والسياسى غير دقيق؟!
ثم السؤال الأهم: كيف تحتكر مصر كأس الأمم الأفريقية، وكيف تتفوق أنديتها على مستوى بطولتى القارة؟.. ثم يتعثر الفريق فى الوصول إلى كأس العالم منذ عام 1990؟! لماذا لا نلعب بهذا التركيز فى تصفيات كأس العالم.. هل حقا نحن فريق البطولات المجمعة أم أن ذلك التفسير يعد هروبا وتبريرا من الإخفاق فى المونديال؟
تنوع أساليب اللعب
:
أبدأ اليوم بالبطولة الأخيرة وبقصة تفوقنا فيها، وأسباب هذا التفوق.. وأترك ما تبقى من تساؤلات لأيام أخرى مقبلة بإذن الله، راجيا أن تكون تلك محاولة للمساهمة فى فهم ما نحن فيه وما وصلنا إليه، بعيدا عن الأغانى وأناشيد «كيد العزال»؟!
أداء المنتخب فى هذه البطولة اختلف كثيرا عن الأداء الذى قدمه فى بطولة 2008، وكانت المباراة النهائية الأخيرة عصيبة وصعبة لقوة المنافس الغانى، الذى يضم بين صفوفه سبعة لاعبين من منتخب الشباب بطل كأس العالم. وأحسن هذا الفريق تطبيق طريقة 4/4/2. وجعل مهمة اختراق دفاعاته شبه مستحيلة بالسرعة والحيوية البدنية وارتفاع المستوى التكتيكى، وتضييق المساحات أمام لاعبينا، وفى المقابل تعامل المنتخب الوطنى مع المباراة بخبرة وذكاء، فلم ينجرف فى هجوم مضاد يترتب عليه اتساع مساحات خلفية، وأجبر هجوم غانا على التسديد البعيد لأنه غير قادر على الوصول لمرمى الحضرى، وظل الثعلب المصرى فى انتظار اللحظة، التى يستطيع فيها بالمهارة أن يخترق دفاع غانا. كانت اللحظة فى الدقيقة 86 من المباراة بأجمل وأحلى «هات وخد بين زيدان وجدو. أو خد وهات جون».. بتمريرة ساحرة وناعمة من زيدان وتسديدة سلسة وأكثر نعومة من جدو.
6 أسباب وراء التغيير
:
وعلى مدى البطولة وضع حسن شحاتة وجهازه الفنى عدة اعتبارات فى حساباته، وأختصرها وأكررها، فيما يلى لأهميتها الشديدة:
1ــ غياب أهم عناصره وخبراته مثل أبوتريكة وعمرو زكى، وشوقى، بركات وحمص.
2 ــ إن الفريق سافر إلى أنجولا وهو يعانى من عدة ضغوط، ومنها ضغط تعويض الخروج من كأس العالم.
3 ــ الفوز بلقب 2008 جعل المنتخبات الأفريقية أكثر تحفزا، فقبل البطولة الماضية فاجأ المنتخب الوطنى الفرق المنافسة بفوز كاسح فى الافتتاح، وفاجأ الجميع بأداء جماعى مزج بين الجدية والمتعة، وكان من الصعب جدا أن يكرر نفس المفاجأة هذه المرة.
4 ــ فى البطولة الماضية بغانا كان أداء الفريق فى كل مباراة بدرجة شبه كاملة. فكل اللاعبين يؤدون بأعلى مستوى، والأداء الجماعى لا يشوبه الخلل. لكنه فى بدايات البطولة الأخيرة لم يكن بعض اللاعبين فى مستواهم.. مما أثر على الترابط، وتقارب الخطوط. وترتب عليه أيضا زيادة المهام على لاعبين لتعويض نقص قدرات لاعبين.
5 ــ يحسب للجهاز الفنى وللاعبين هذا التغيير فى أساليب لعب كل مباراة، ففى البداية أمام نيجيريا كان البناء الدفاعى أهم من بناء لهجمات للأسباب السابقة، التى ذكرتها وتتعلق بظروف بطولة غانا السابقة وظروف أنجولا 2010، ففى الدفاع تردد وتراجع، وهو ما ظهر فى بداية المباراة، لكن خبرة المصريين ساعدتهم على استخدام عقول الثعالب، بكل ما فى عقل الثعلب من ذكاء وخبث، فانطلق ثلاثة لاعبين مصريين بذكائهم وخفتهم وسرعتهم ورشاقتهم فى مساحة 30 مرتا مربعا بالمقدمة وأربكوا وحيروا الدفاع النيجيرى والثلاثة هم أحمد حسن ومحمد زيدان وعماد متعب ( ثم البديل جدو ).
6 ــ إختلف أداء الفريق أمام موزمبيق وبنين، فكان فى حدود الهدف، وكانت مباراة بنين الوحيدة التى خرج فيها حسن شحاتة عن إستقرار التشكيل، وعندما لعب المباراتين كان حذرا فى الأولى لأنها مفتاح الصعود، وفى الثانية مع بنين ترك لاعبيه يلعبون ويمرحون ويستمتعون وأضاف لهم ستة بدلاء. لكنه أمام الجزائر فعل مالم أتوقعه ومالم يتوقعه إنسان.. بدأ المباراة التى ينتظرها الملايين بالهجوم، لعبها بثقة، وبهدوء أعصاب لم نتصوره، وسيطر على 90 دقيقة، وكانت المبادرة دائما مع منتخب مصر، كان الفعل لمصر ورد الفعل للجزائر.. ومن يلعب برد فعل يخسر. ومن يلعب بعصبية وتوتر يفقد عقله وقدمه، وقد حدث مع المنتخب الجزائرى.. إلا أن الأداء فى المباراة النهائية كان مختلفا، ومن أهم أسباب الاختلاف قوة المنافس وقدراته ومهاراته ولياقة لاعبية. فهناك خطأ شائع فى تاريخ النقد المصرى والإعلام المصرى أن كل مبارياتنا نلعب بها وحدنا مع أن كرة القدم بين فريقين، وقد يكون من أسباب قوة سيطرة وتفوق فريق أسلوبه وأسلحته وخططه، وقد يكون من أسباب تراجع نفس الفريق ظروف المباراة وقوة المنافس وأدواته، والذكاء أن تتعامل مع تلك القوة وفقا لقدراتك، فلا تنجرف فى استعلاء نحو هجوم يفتح مساحات فى خطوطك. وهذا تفعله الفرق الأفريقية الكبيرة مثل ساحل العاج والكاميرون، ولكن هذا لم يفعله منتخب مصر بكل ما يملكه من ذكاء الثعالب.
ونستكمل فيما بعد الإجابة عن كثير من الأسئلة المطروحة بإذن الله.. حتى نفهم أين كانت الكرة المصرية فى أفريقيا وأين أصبحت وإلى أين تسير؟
درجات اللاعبين في البطولة
امنح لاعبي المنتخب درجاتهم عن مجموع مبارياتهم فى البطولة، وذلك على النحو التالي:
عصام الحضري (10). هاني سعيد (8.5). جمعة (9). سيد معوض (6). عبدالشافى (7). المحمدي (7). حسام غالى (6). أحمد حسن (10). حسنى عبدربه (7.5). أحمد فتحي (9). زيدان (
. عماد متعب (
. جدو (10). معتصم سالم (لم يختبر)
هل لديك تعليق؟ اطبع التعليقات