القاهرة زينة احمد - جدل كبير اثارته الفتوي المصرية التي اجاز فيها الشيخ أبو العينيين شعيشع، نقيب القراء المصريين، للمرأة أن تعمل قارئة للقرآن الكريم في الإذاعة، بعد ان برر فتواه بأن المرأة كانت تقرأ القرآن في السابق من دون أن يعترض عليها علماء الأزهر الشريف، مشيرا إلى انه ليس في الامر بدعة لأن "القرآن نزل للرجال والسيدات ولم تقتصر تلاوته على أحد"،
وجددت الفتوى جدلا كان مستمرا بين علماء الأزهر في مصر، ليس من المرجح أن يتوقف في الوقت الحالي، خاصة انها تتزامن مع قضايا أخرى مثيرة للجدل مثل منع طالبات الأزهر من ارتداء النقاب داخل المعاهد الأزهرية حيث انقسم الازهريون والمفكرون الاسلاميون الي فريقين فمنهم من يري ان صوت المرأة عورة ولايجب ان يرتفع في اي مناسبة حتى وهي تتلو القرآن الكريم وحدها وليس علي عموم الناس في العالم اجمع عبر الاثير او التلفاز فيما ذهب اخرون بالقول بان قراءة القرآن الكريم مكفولة لجميع المسلمين وعلي من رغب الاطلاع عليه من غير المسلمين لاحرج عليه مشيرين انه يحق للنساء تلاوة القرآن في الاذاعة ولاتوجد موانع شرعية تمنع المرأة من قراءة القرآن علي الملآ اسوة بعهد الرسول عليه الصلاة والسلام حين شاركت النساء معه في الحروب واجتمعن لبحث مشكلات المسلمات وعرضنها عليه في مجلسه الكريم في حضور الصحابة رضي الله عنهم بل نالت المرأة في صدر الاسلام تكريما لم تشهده علي مدار مراحل حياتها وكان لها صوتا مسموعا في كافة المناسبات.
الشيخ فرحات المنجي من كبار علماء الازهر اعتبر قراءة المرأة للقرآن امر غير مستحب ويفتح باب الطمع في كينونتها كأمراة مشيرا الي ان الشيخ الطبلاوي وكيل عموم المقارئ المصرية اكد ان 30 سيده تقدمن لكي يتعلمن تلاوة القرآن وحفظنه وقمن بتجويده وعقدت لجنة لاختبارهن بشرط ان تكون القراءة علي النساء فقط والا تتعدي هذا الخط وتقرأه علي الملآ او في الاذاعة واضاف المنجي :سيتبع هذا امور كثيرة منها ان قراءة المرأة تختلف عن الرجل في قراءة القرآن لانه سيحدث بها لامحالة طريقة فيها تطويل ومد لتعجب المستمعين ومادامت قد خرجت عن هذا النمط للقراءة العادية بما فيها من الترقيق والتغليظ ستحظي باعجاب الرجال بصوتها ويودون ان يرونها كما ان صوت النساء له وقع في الاذن والامر لن يقتصر علي الاذاعة فقط بل سيمتد الي المآتم والمناسبات الاجتماعية بما سيحدث فضول لدي الجميع وبالاخص مجتمع الرجال سيتزاحمون في الذهاب لرؤية تلك المراة الجالسة علي مقعد المقرئ.
وقال :هناك ملايين من الرجال يقرأون القرآن فما الداعي للاستعانة بالمرأة في هذا المجال خاصة وان التاريخ الاسلامي لم يشهد علي مداره عددا يذكر من قارئات القرآن المعتمدات مؤكدا انه لم يحدث وان قرر اي من علماء الاسلام علي ان صوت المراة عورة بل اذا اقتضي الامر ان تتلو القرآن فلامانع ولكن في حالة عدم وجود الرجال وهذا امر غير متحقق في مجتمعاتنا الاسلامية التي تزخر بالاف المقرئين من الرجال ثم ان الله تعالي "قال فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض" و اقتحام النساء لمجال القراءة سيدفع بها الي مجالات اخري وستسعي لتصبح مشهورة وتكسب مالا من وراء عملها كمقرئة للقرآن وستصبح كفنانة لها جمهور ويضيف د المنجي فرحات :لانمنع تلاوة المرأة للقرآن لكن في مجالس النساء فقط موضحا ان الاعتراض علي تداعيات قراءة المراة للقران والخوف ان يفضي هذا الامر الي امور اخري مثل جواز ان تصلي المرأة بالناس صلاة التراويح او صلاة الجمعة ثم نحن لسنا نعيش في مجتمع الرسول والصحابة تلك المجتمعات الصالحة التي كانت تطبق فيها اسس الشريعة الاسلامية السمحة الصحيحة .
وعارض الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فتوى الشيخ شعيشع وقال إنه لا يجوز أن تعمل المرأة قارئة للقرآن الكريم بالإذاعة أو وسائل الإعلام الأخرى، لأن "صوت المرأة عورة ومحرم عليها أن ترفع صوتها في قراءة القرآن أو الأذان، فلا يجوز لها أن تؤذن باتفاق الفقهاء، فقراءة المرأة للقرآن الكريم في الإذاعة وكذلك رفع صوتها بالأذان يقتضى من المرأة أن تعمل على تحسين صوتها مما يفضى بالمرأة إلى الفتنة".
اما د عبد الله النجارعضو مجمع البحوث الاسلامية رفض تسمية البعض صوت المرأة " بالعورة "ووصفه بتشبيه مجازي اطلقه الكارهين لتكريم المراة واندماجها في المجتمع مشيرا انه لايجوز ان نحرم صوت المرأة التي تتلو القرآن ذلك الوحي القادم من السماء اوان تذكر الله جهرا واري ان قراءتها واجبة من واقع ان ابلاغ الذكر الحكيم واجب علي الناس جميعا بل علي العكس فهي مقدمة علي كثير من الرجال اذا كانت تلاوتها افضل منهم والحكم بدون دليل علي ان صوتها عورة تفرقة بلا اساس بل الرسول الكريم في بيعة العقبة بايع النساء وكانت لهن اصواتهن في المسجد وكن يتحدثن الي الصحابة ، وقصة عمر بن الخطاب رضي الله تدحض تلك الاحكام الجائرة ضد المراة حين كان يؤدب النساء وكان الرجل اذا غضب من زوجته يشكوها اليه فترتعد فرائسها ونذكر الواقعة الشهيرة حين وقفت امرأة في قلب المسجد وامام الرجال وردت الخليفة عمر في مسالة غلاء المهورفقال "اصابت المراة واخطأ عمر " واضاف :صوت المراة من الممكن ان يتصف بعورة في اطار ارتفاع صوتها في العلاقات الخاصة بين الرجال والنساء مؤكدا انه لامحل لهذا الوصف من الناحية اللغوية والشرعية والقراءة القرآنية لها ضوابط بالمساحات الدقيقة والوقفات وترخيم الصوتى وتغليظه وترقيقه وهو امر ينطبق علي الجنسين وليس احدهما فقط فكيف نسكت صوت امراة اجادت قراءة قرآن الله لمجرد انها امراة في الوقت الذي احتفي بها الاسلام وحظي صدر الاسلام بعدد كبير من راويات الحديث علي رأسهن السيدة عائشة زوجة الرسول الكريم "ص"التي كان القرآن الكريم امانة في بيتها وكذلك السيدة حفصة وكن وغيرهن من امهات المؤمنين امينات علي القرآن الكريم وليس قارئات له فقط فكن يعلمن القرآن للاطفال والكبارويجمعن الاحاديث ويؤكد النجار: قراءة القران واجبة علي الرجل والمراة والحكم في المنع من عدمه هي درجة الاجادة وهو علم يتلقاه الخلف عن السلف كما ان الحكم الشرعي يتقرر من ادلته وقراءة المرأة للقرآن جائزة تماما بعيدا عن الرؤي الخاطئة لها مشيرا الي ان كثير من الاحكام مازالت تفسر بايحاءات لاتليق بجلال الدين وهيبته بالنسبة للجنسين والاحكام واضحة في مثل هذا الامر و شتان بين العورة التي يقصدها الدين وهي اجزاء من جسم الانسان يجب سترها وبين صوت المراة الذي يفسر البعض ان اسكاته درءا للفتنة .
ورفض النجار مسالة طغيان التفكير الجنسي علي الاحكام الشرعية مثل افتاءات ان سماع الرجل لصوت المراة يثيره جنسيا ولايجوز من الناحية الشرعية ان نمنع كلام الله ولاحتي في الاذاعة او الفضائيات التي تصل الي مختلف انحاء العالم .
من جانبه رأى الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح الأستاذ في كلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر "أنه يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم في الإذاعة مثل الرجل لأن صوت المرأة ليس عورة".
وأوضح أن المقصود من قول الله تعالى "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا"، ليس المقصود به قراءة القرآن الكريم، وقال " بدليل أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أوصلت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين رجالا ونساء، فكيف كانوا يتلقون عنها؟".
وأضاف "شيخ الإسلام ابن تيمية كان من شيوخه ثلاث نساء عالمات فكيف كان يتلقى عنهن العلم، والقرآن الكريم والحديث النبوي هما أساس العلم الديني؟".
وأكد انه "لا يوجد مانع شرعي من قراءة المرأة للقرآن الكريم في الإذاعة أو التلفزيون، وغاية ما هنالك أن تكون حافظة للقرآن ولديها معرفة وإلمام تام بالأحكام وعلى طهارة تامة".
اما د نادية عمارة الباحثة الاسلامية اكدت انه ليس هناك قاعدة فقهية تقول ان صوت المراة عورة لكن هناك قول حسن وقول غير حسن وهو ما يدخل في تفسير الاية الكريمة التي تقول "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا "
تلك هي الضوابط الشرعية التي تحكم طريقة الكلام فهناك الخضوع وهو قول ليس حسن وهناك القول الحسن ومنه قراءة القرآن وما يتفق مع تلك الضوابط وتضيف: قراءة القرآن اسمي كلام علي وجه الارض كلام الله تعالي وهو علم معروف ومأخوذ عن الرسول الكريم في التجويد والترتيل مشيرة الي ان كثير من النساء متقنات وحاذقات في قراءة القرآن فلماذا لا نعطيهن الفرصة لاستثمار اصواتهن في تلك القراءة المحمودة بدلا ان يتجهن الي الغناء وهذا ليس ذما في الغناء لكن الثواب سيكون كبيرا علي قراءة القرآن وهناك نماذج كثيرة في استعمال المرأة لصوتها بشكل عام فمنذ صدر الاسلام فكانت هناك اسماء بنت يزيد بنت السكن وكانت تسمي وافدة النساء وكانت تجمع اسئلة النساء وتحضر مجلس النبي محمد علية الصلاة والسلام وتسمعه الاسئلة جهرا في وجود الصحابة فما بالنا في قراءة القرآن الكريم وعن الشروط التي يجب ان تتوافر في المرأة القارئة للقرآن تقول د عمارة : يجب ات تتعلم المراة قواعد التلاوة المظبوطة وتضخيم الحروف وترقيقها مع القراءة وفق الضوابط الشرعية وعدم الخضوع او التمايل في القراءة وان تحمل في قلبها انها تقرأ لوجه الله وليس تكسبا اولنيل شهرة لكن لتكون رمزا للاسلاميين وانعكاس لحضارة الاسلام الراقيه في احتضان المرأة علي كافة الاصعدة سواء كانت قارئة او طبيبة او معلمة او فنانة محترمة .