مبروك جالك قلب !!

يحكى أنه.. مبروك جالك قلب !! Smile

كان يا ما كان.. مبروك جالك قلب !! Smile

في قديم الزمان.. أو حاضره.. أو في ما سيكون أو قد كان..
كان فيه راجل كبير في السن.. عنده 3 أولاد..
حب يختبرهم.. يمتحنهم..
جمعهم.. و اعطى كل واحد منهم صندوق صغير..
و قالهم.. الصندوق ده في ثروة كبيرة قوي.. ممكن توصلكم لثروة أكبر و أكبر.. عاوزكم تحتفظوا بيه..كأمانة.. و تقابلوني بعد سنة.. و اشوف مين فيكم قدر يحافظ على الأمانة الغالية دي.. و قدر يوصل للثروة الأكبر منها..
شايفين القصر العظيم اللي هناك ده.. قصر جميل جدا..
بس ماحدش عارف يدخله..
الباب مقفول.. و ماحدش معاه مفتاحه..
قالوله.. بس احنا مش فاهمين.. مش عارفين نتصرف ازاي.. معقولة تسيبنا كده؟
قال لهم.. جوة الصندوق.. هاتلاقوا كل المعلومات اللي انتوا محتاجينها ..
و تركهم..
الأولاد التلاتة.. فتحوا الصناديق..
و كل واحد متخيل هايلاقي جوة الصندوق بتاعه جوهرة ثمينه.. أو قطع ذهب..
و لكن فوجئوا..
كل واحد لقى في الصندوق بتاعه.. بذرة!..
ايوة..
بذرة واحدة بس لكل واحد..
و معاها ورقة صغيرة.. فيه شرح طريقة زراعتها..و العناية بيها..
و الأولاد التلاتة.. روحوا بيوتهم..
و هما مستغربين جدا..
و حيرانين جدا..
ايه سبب أهمية البذرة دي.. و ازاي توصلهم للقصر؟؟؟
أول واحد فيهم.. قال بذرة ايه و بتاع ايه.. هو انا فاضي للكلام ده؟..
قال بذرة هاتوصلني للقصر قال...
و قفل الصندوق.. و ركنه على جنب في ركن في البيت.. و نسيه..

و الثاني..
فتح الصندوق.. و بص للبذرة.. و مسك الورقة.. قراها بسرعة..
لقى فيها شرح لطريقة زراعة البذرة و العناية بيها لغاية ماتبقى شجرة وارفة..
و قال و هي الزراعة محتاجة كتالوج؟.. فرمى الورقة.. و دفن البذرة في الأرض قدام البيت عنده.. و قال اهي تطلع لوحدها و هي و رزقها..

و الثالث..
فتح الصندوق..
و تأمل البذرة.. و مسك الورقة و قراها كويس..
قال .. مادمت قبلت الأمانة.. يبقى لازم انفذ الوصية بحذافيرها.. وانا الكسبان في النهاية..
فزرع البذرة..
و بقى يرويها يوميا..
و يتابعها باستمرار..
كل يوم الصبح.. يجري عليها.. يشوف يا ترى نبتت والا لسة..
لغاية في يوم.. مالقى برعم جميل.. صغير..
فرح.. و بدأ يرعى البرعم.. و هو بيكبر يوم بعد يوم..
و الرعاية مش مجرد ري و خلاص.. و لكن كمان وقاية من الآفات.. و الأمراض اللي ممكن تصيب الشجرة..
شجرة جميلة.. ظليلة.. بتكبر يوم بعد يوم..
شكلها يشرح القلوب..
و ظلها.. بيجمع قلوب الناس تحتها..
و لكن.. الى الآن.. ماحدش عارف الشجرة دي.. الثمرة بتاعتها شكلها ايه؟..
ياترى شجرة فاكهة؟..
طب ايه الفاكهة دي؟
و ياترى شكلها ايه؟
و تمر الشهور..
و كادت السنة تنتهي..
و الإبن كل يوم.. أول مايصح ى من النوم.. يجري على الشجرة.. يتطمن عليها.. و يتابعها..
لغاية ما في يوم..
و الفجر بيشقشق..
و الشمس بتتولد..
و الدنيا بتنور شوية بشوية.. لمح حاجة بتلمع بين غصون الشجرة..
جري عليها..
لقى الشجرة أخيرا طرحت.. بعد سنة..
طرحت.. ثمرة عجيبة جدا..
قلب دهب..
خدها الإبن.. و جري على والده..
و لقى اخواته الاتنين هناك.. في موقعدهم بعد ما السنة خلصت..
الإبن الأول.. نسي الصندوق.. و جواه البذرة.. في الضلمة.. لما عفنت و ماتت..
و الإبن الثاني.. دفن البذرة في الأرض.. و نسيها.. نبتت صحيح.. لكنها طلعت شجرة هزيلة.. ضعيفة.. ماتت مع الوقت بسبب الآفات و الأمراض..
و الإبن الثالث..
داخل عليهم.. و القلب في ايده..
شافه الأب.. و ابتسم..
قال له.. جزاك الله خيرا.. حفظت الأمانة..
و الإبن ناول أبوه القلب الدهب..
مسك الأب القلب.. فتحه.. و طلع من جواه مفتاح..
و اداه للإبن..
و قال له.. مبروك عليك القصر..

***

حكاية رمزية بسيطة..
بتحكيلنا ببساطة.. قصة حياة البشر... مع البذرة.. اللي ربنا خلقها جوة كل واحد فينا..
منا اللي رعاها.. و منا اللي أهمل فيها.. و منا اللي نسيها خالص.. و منا اللي مش عارف انها موجودة أصلا..
البذرة دي.. هي "القلب"..
القلب..
كلمة بنسمعها كتير جدا.. و بتثير جوانا معاني كتير جدا..
و بتمر علينا كتير جدا في آيات و أحاديث.. بتؤكدلنا خطورة و أهمية البذرة دي.. القلب..

يقول تعالى :
" يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)" (سورة الشعراء)

لن ينجيك في الآخرة.. إلا قلب سليم..
الأمانة اللي اتولدت بيها.. مطلوب منك تيجي يوم القيامة بيها سليمة زي ماربنا سلمهالك..
قلب سليم.. خالي من الأمراض.. خالي من العيوب..
ازاي يعني؟.. يعني لو واحد عنده القلب.. مش هايدخل الجنة؟؟
لأ طبعا.. مش المقصود بالقلب.. قطعة اللحم اللي في القفص الصدري.. ده قلب الجسد..
انما القلب اللي تحدثت عنه الآيات.. هو قلب الروح.. فكما للجسد قلب.. فللروح أيضا قلب..
و القلبين مرتبطين ببعض....
و ده بدا يظهر في العصر الحديث بشكل ماكانش واضح قبل كده..
بدأ الأطباء يكتشفوا معلومات مذهلة عن القلب البشري..
و لكن بالرغم من عدم توافر المعلومت دي في الماضي.. الا انه من العجيب.. اننا بنلاقي في الثقافات القديمة على تنوعها.. معنى القلب الروحي..
ففي الطب الصيني التقليدي مثلا.. نلاقي ان الروح.. أو ما يسمى بـالـ "شين" Shen مكانها في القلب..
و هانلاقي الحروف الصينية القديمة اللي بتعبر عن التفكير و الحب و النية و الاستماع و الفضيلة.. كلها تحتوي على رمز القلب.
و تقريبا في كل ثقافات العالم.. هاتلاقي الناس بيستخدموا استعارات لغوية بتشير الى أو بتدور حول القلب..
فتلاقينا ممكن نوصف شخص بأن "قلبه حجر".. و ان فلان ده "قلبه ابيض".. و ان فلان "قلبه كبير"..
حتى في الأمثال الشعبية.. تلاقي يقولك :
"قلوب عليها دروب و قلوب م الهم تدوب"
و يقولك : "القلوب عند بعضها"
و يقولك فلان ده "اللي في قلبه على لسانه"..
و لما تحس ان حد أثر فيك قوي.. بتقول فلان ده "دخل قلبي".. أو "لمس قلبي".. أو "قلبي اتفتحله"..
في لحظات السعادة الغامرة.. بتقول "قلبي نط م الفرحة"..
و لما حد بيحب حد.. بيقول فلان "خطف" قلبي..
و غيرها و غيرها من الأمثال..
و ده ان دل على شئ.. يدل على مدى شعورنا بأهمية المعنى ده في حياتنا ووجودنا..
و يمكن من أوائل من انتبهوا لأهمية و ماهية القلب.. و حللوا طبيعته و عرفوا انه بيتولد.. و بينمو. و بيمرض.. و بيصح..
و شخصوا أمراضه و طريقة علاجها..
من أوائل الناس اللي انتبهوا لده.. كان المسلمين.. أيام عزهم..
انتبهوا لتركيز القرآن على أهمية القلب..
لو جينا نتأمل في القرآن.. تلاقي الله سبحانه وتعالى قسم الناس إلى ثلاثة أنواع..
المؤمنون..
و المنافقون..
و الكافرون..
المؤمنون.. وصفهم الله سبحانه و تعالى بأنهم أصحاب القلوب الحية.. المستنيرة بهدى الله..
بينما الكافرين.. هم أصحاب القلوب الميتة.. المظلمة..
فيقول تعالى :
" أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)" (سورة الأنعام)
كان ميتا..
كان قلبه ميت.. فأحياه الله سبحانه و تعالى بنور الهداية..
كذلك.. يقول النبي :
"مثل الذي يذكر ربه و الذي لا يذكره كمثل الحي و الميت"..
هذا الفرق بين المؤمن و الكافر..
المؤمن قلبه حي.. و الكافر قلبه ميت..
أما المنافق.. فقلبه حي.. لكنه مريض..
وصف القرآن حالهم.. بأنهم هم من أمرضوا قلوبهم.. هم من اختاروا هذا الطريق.. فزادهم الله مرضا.."

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)" (سورة البقرة)

و نعود للحديث عن القلب..
من المفارقات العجيبة..
أن القلب.. في صدر الإنسان.. يميل قليلا الى اليسار..
و أن اللغات التي كتب بها الوحي الإلهي – و هي العبرية و العربية-.. أيضا تكتب من اليمين الى اليسار.... و كأنها تكتب في اتجاه القلب.. لتعكس نية الكاتب.. و هو أن يؤثر في قلب القارئ..
و أن الطواف حول الكعبة.. يكون في عكس اتجاه عقارب الساعة.. بحيث يكون القلب أميل الى الكعبة..
القلب.. المضغة.. أو العضلة التي تدق في الصدر.. و التي تحوي القلب الروحي أيضاً.. يدق حوالي 100000 دقة في اليوم.. و بيضخ حوالي 7.5 لتر دم في الدقيقة..
يعني حوالي 450 لتر دم في الساعة....
لو الواحد فينا جرب يشيل 450 لتر ماء ( و هو أخف من الدم) و ينقلهم من مكان لمكان طول اليوم.. ياترى يقدر؟
اهو القلب بيعمل كده.. كل ساعة.. و كل يوم.. على مدار حياة الإنسان.. بدون راحة..
الجهاز الدوري .. اللي بينتقل الدم عن طريقه طول الأوعية الدموية فيه طوله حوالي 96540 كيلومتر.. يعني أكثر من ضعف محيط الكرة الأرضية ..
يعني سبحان الله.. القلب بيضخ الدم في مسار طوله 96540 كيلومتر في أنحاء الجسد كله على مدار اليوم..
من الأمور العجيبة اللي اكتشفها الطب.. ان القلب بيبدأ يدق في الجنين في رحم الأم.. قبل اكتمال تكوين المخ.. يعني قبل اكتمال تكوين الجهاز العصبي أصلا..
الشهير بين الناس.. ان الجهاز العصبي.. و مركزه المخ.. هو اللي بيتحكم في الجسد كله..
و لكن .. يكتشف الطب.. ان القلب بيبدأ يشتغل.. من قبل حتى مايكون فيه جهاز عصبي اصلا.. يبقى مين اللي بيتحكم فيه و يوجهه؟
الله سبحانه و تعالى .. هو اللي بيوجهه.. هو اللي خلقه بحيث يبدأ يدق لوحده.. ماينتظرش المخ لما يوجهه.. و يفضل برضه يدق.. حتى لو توقفت اشارات المخ..
عشان كده العجيب.. ان القلب لو تم فصله عن الجسم تماما و استخراجه منه.. زي مابيحصل في عمليات زراعة القلب.. بيفضل يدق و هو برة جسم الإنسان!!!! بالرغم من انه ماعادش فيه اي اتصال بينه وبين المخ!
و ده يرجعنا لفكرة ان المخ هو مركز وعي الإنسان.. هل الفكرة دي صحيحة؟
لما نتأمل في تراثنا الإسلامي.. ونتأمل في كتاب الله.. نلاقي الحديث صريح جدا عن ان القلب له دور في عملية الوعي و الفهم..
فيقول تعالى :
" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)" (سورة الأعراف)

كما تتحدث الآيات عمن سخروا من رسل الله و حاربوهم و رفضوا الاستماع اليهم فتقول :" وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25)" (سورة الأنعام)

أن الله عاقبهم على جحودهم و كفرهم بأن سد منافذ السمع والفهم و الوعي لديهم.. و هي القلوب.. فأصيبوا بـ"الصمم الروحي"..
اذن.. فمصداقا لقول الله تعالى.. القلب هو مركز الوعي.. والفهم .. و الضمير.. لدى الإنسان..
العقل دوره كوحدة المعالجة المركزية في الكمبيوتر.. و هي تحليل المعلومات و تفسيرها..
و لكن النور الذي يهتدي به الإنسان.. البوصلة التي تحدد للإنسان صحة المعلومات من خطأها.. مكانها في القلب.. و ليس العقل..
و سبحان الله.. يكتشف الطب مؤخراً.. أن القلب به أكثر من 40000 خلية عصبية.. بمعنى ان فيه جهاز عصبي مصغر داخل القلب.. يتواصل مع المخ.. فأصبح ليس المخ فقط هو من يرسل رسائل الى القلب.. كما يفعل مع باقي أجزاء الجسد.. بل القلب ايضا يرسل رسائل للمخ..

جزاكى الله خيرا يا قلب
القصة جميلة والحكمة اجمل

هذا الفرق بين المؤمن و الكافر..
المؤمن قلبه حي.. و الكافر قلبه ميت..
أما المنافق.. فقلبه حي.. لكنه مريض..
وصف القرآن حالهم.. بأنهم هم من أمرضوا قلوبهم.. هم من اختاروا هذا الطريق.. فزادهم الله مرضا.."

اسعدنى جدا مرورك غاليتى

مبروك جالك قلب !!