عدد الرسائل : 2637 الاوسمه : تاريخ التسجيل : 30/07/2008
موضوع: السيول والأمطار دروس وعبر الخميس 17 ديسمبر - 22:26
[size=25]
الحمدُ لله الذي صبَّ الماء صبًّا، وشقَّ الأرض شقًّا، وأنبتَ فيها حبًّا وعنبًا وقضبًا، وزيتونًا ونخلاً، وحدائقَ غُلْبًا، وفاكهة وأبًّا، متاعًا لكم ولأنعامكم. أحمده سبحانه، جعل في الماء وما ينبت بعده للحياةِ وحقيقتِها مثلاً؛ {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ} [الكهف: 45]. وأشهدُ أن لا إله إلا الله، جعَل من الماءِ كلَّ شيء حيٍّ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه.
أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ - عباد الله - حقَّ التَّقْوى.
إنَّه الماء والمطر الذي وقف في صفِّ الجيوشِ المسلمة، كما حصل في غزوة بدْرٍ؛ {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} [الأنفال: 11].
إنَّ هطول الأمْطار ونزولَ الماء رحمةٌ من والله، وبركةٌ على خلقه، وربَّما يكون عقابًا وعذابًا لآخَرين، ولعلَّ هذا السرُّ في أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا تغيَّر لونُه، وعُرِفَ ذلك في وجهِه، فقالت له عائشة - رضي الله عنها -: الناسُ إذا رأَوُا الغيم فرِحوا رجاءَ أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَه عرفت في وجهك الكراهية! فقال: ((يا عائشة، ما يؤمنني أن يكونَ فيه عذاب! قد عُذِّب قومٌ بالريح، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: هذا عارض مُمطِرنا))؛ رواه البخاري ومسلم.
وعن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة زوْج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّها قالت: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفتِ الريح قال: ((اللَّهمَّ إنِّي أسألُك خيرَها، وخيرَ ما فيها، وخيرَ ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرِّها، وشرِّ ما فيها، وشرِّ ما أرسِلت به))، قالت: وإذا تخيلت السماء - يعني تغيَّمت وتهيأت للمطر - تغيَّر لونُه، وخرج ودخل وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرِّيَ عنْه، فعرفتُ ذلك في وجْهه، قالتْ عائشة: فسألتُه فقال: ((لعله - يا عائشة - كما قال قومُ عاد: فلمَّا رأوْهُ عارضًا مستقْبِل أوديتِهم قالوا هذا عارضٌ مُمْطِرنا))؛ رواه مسلم.
هكذا كان سيدُ الخلق وأعرفُ الخلق بالله، فما بالُنا نحن نغفل عن هذا؟! وكأنَّنا بمأمن من أن يُصيبنا العذاب بالرِّيح أو بالمطر، أو البرد أو الزلازِل، أو غيْرها.
عبادَ الله: ومن مظاهر كُفْران نعمة إنْزال المطر: التشبُّه بأهل الجاهليَّة في نسبة إنْزال المطر إلى غير اللهِ، من الكواكب والأنواء والطبيعة وغيرها من الأسباب؛ ففي الصحيحين، عن زيْد بن خالد الجُهني - رضِي الله عنْهُما - قال: صلَّى بنا رسولُ الله صلاةَ الصُّبح بالحديبِية، على أثر سماءٍ كانت من اللَّيل، فلمَّا انصرف أقبلَ على النَّاس، فقال: ((هل تدْرون ماذا قال ربُّكم؟)) قالوا: الله ورسولُه أعلم، قال: ((أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر، فأمَّا مَن قال: مُطِرْنا بفضْل الله ورحْمتِه، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأمَّا مَن قال مُطِرْنا بنَوء كذا وكذا، فذلِك كافرٌ بي مؤمن بالكوكب)).
فالواجب أن يُنسب نزولُ المطر وجَميع النعم إلى الله تعالى؛ {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53].
أيُّها المسلمون: إنَّ هذا الغيث الذي أنزَلَه الله عليْنا لَمن فضْل الله ورحمتِه، فعليْنا أن نقوم بشُكره - سبحانه - على نعمته، وأن نستعينَ بها على طاعته، فإنَّ مَن قام بشكر الله زاده الله، ومن كفَر بنِعْمة الله حرمه الله؛ {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].
وينبغي ألا نغترَّ بكثْرة الخير والمطَر والماء؛ فقد يكونُ استِدراجًا؛ روى الإمام أحمد عن عُقبةَ بن عامر - رضِي الله عنْه - عنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا رأيتَ الله - عزَّ وجلَّ - يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحب، فإنَّما هو استدراج))، ثم تلا: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} [الأنعام: 44].
قال بعض السَّلف: "إذا رأيتَ الله يُنْعِم على العبد ثم هو يَعصيه، فاعلمْ أنَّما ذلك استِدْراج"، ثم تلا: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182].
ومن العجب أنَّ بعض النَّاس إذا زاد غِناه، ازدادَ طُغْيانه، يُنْعِم اللهُ عليْه وهو لا يزال يعصي؛ {إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7]، نسألُ الله غنىً لا يُطْغِينا.
اللَّهُمَّ اجعلْ ما أنزلْتَه علينا عوْنًا على طاعتك، وبلاغًا إلى حين.
أقولُ قوْلي هذا، واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، من كل ذنب وخطيئة، فاستغْفِروه وتوبوا إليه.
[/size]
القلب الطيب مديرة العلاقات العامه والمتابعه
عدد الرسائل : 18577 الاوسمه : تاريخ التسجيل : 14/04/2008
الدنيا بحر عريض قد هلك فيه الأولون والآخرون فإن استطعت فاجعل سفينتك تقوى الله، وعدتك التوكل على الله، وزادك العمل الصالح، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك ربنا يجعل كلماتك الطيبة فى ميزان حسناتك اختنا حبيبه
الجندى المصرى المدير العام
عدد الرسائل : 12126 العمل/الترفيه : موظف مسكين المزاج : الحمد لله على كل حال الاوسمه : تاريخ التسجيل : 14/04/2008