لما رئيت البدر فوق جبالها --------يممت مكة والحنين يقود
خالفت في حجي الشريعة كلها---واتيت زمزم والحجيج تعود
وحمامة فوق الكثيب تاوهت----قالت سبيلك يافتى مسدود
وعبرت اميالا اغالب دمعتي-----حولي رمال والرفاق اسود
وحملت شوقا فوق جهدي حمله---ورمال بكة بالدموع شهود
وسالت عنها كل فرد التقي-----ويدي وعيني والخيال جنود
وتركت خلفي كل ما كان معي-----وفتحت من شوقي اليها لحود
هبني فقدت العقل حين اتيتها-------الله يرحم عبده ويجود
بطحاها تبر وعطر جوها--------ومقامها فوق الجميع يسود
ياليتني ما عدت منها مطلقا----وبقت لروحي مسكن وحدود
واذا اتاني الموت اسكن قبرها-----فالموت فيها مولد وخلود
هي قبلة الكل اذا ما وجهوا----ولخافقي سر الهوى المقصود
هي جنة الدنيا وكل نعيمها-------وهي لروحي راحة ووجود
فيها من الوصف اللجميل معالم----ومقرها قلبي وعنها يذود
ووصالها صعب ولا كن واجب----حتى وان منع الوصول حشود
منحتني اذنا بالدخول وفيزة--------من غير اوراق ودون قيود
ولموكبي قد فتحت ابوابها--------وسوايا من اكنافها مردود
في كل زاوية ملاك قائم-------------والاخرين رواكع وسجود
وحنين قلبي ليس يوجد مثله----لثرى الطهارة والعيون السود
القيت في الحرم الشريف مطالبي---- وغسلت كعبتها بعطر العود
ما اعدت اخشى في هواها سلطة----ولا رقيب ولا عيون حسود
فابات سهران بكفي سبحة---------والناس خلفي للغرام رقود
انا ان ذكرت الحج يصرعني الهوى-----واحس اني عاشق مطرود
(عرفات) شيخ قد كسته عمامة----فمتى اطوف براسه الموصود
ومتى اعود الى (منا) لا زفها----------حتى اراءها روعة وورود
الله اكرمها وطيب اصلها-------------سبحانه من خالق معبود
منها عرفنا دينه وكتابه---------------ونبيه ومصيرنا الموعود