اجترأ الشيخ عبدالحميد كشك على ما لم يجترئ عليه سابقوه من الوعاظ كما كان داعية متميز اللهجة والصوت والأداء، قوى الحجة، شجاعاً، رشيق اللغة، حاضر الذهن، مرتب الأفكار، لاذع الانتقاد، يدلل على كلامه بالقرآن والحديث الشريف والتاريخ الإسلامى بل وعيون الشعر والحكمة أيضا، وكان صاحب (قفشات لغوية) بعضها يصل لحد السخرية اللاذعة، والتى طالت الكثير من المشاهير فى السياسة والفن،
أما عن سيرته فقد ولد فى شبراخيت بمحافظة البحيرة فى العاشر من مارس لعام ١٩٣٣م، لأسرة رقيقة الحال وقد ولد سليم البصر لكنه فى السادسة من عمره أصيب برمد صديدى، وبعد سنوات فقد البصر، حفظ الشيخ القرآن وهو دون العاشرة ثم التحق بالمعهد الدينى بالإسكندرية وحصل على الشهادة الثانوية الأزهرية وكان ترتيبه الأول على الجمهورية،
ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر وكان الأول على الكلية طوال سنوات الدراسة، وكان الأول على دفعته وعُين معيداً بكلية أصول الدين عام ١٩٥٧م، لكنه رغب عن مهنة التدريس فى الجامعة، حيث كانت روحه معلقة بالمنابر وعين بوزارة الأوقاف خطيباً لمسجد الطحان ثم انتقل إلى مسجد منوفى بالشرابية ثم مسجد الطيبى بزين العابدين، وبعد ذلك نقل إلى مسجد عين الحياة (الملك) بحدائق القبة وضاق المسجد برواده أيضاً فتبرع له أهل الخير ببناء أرض مجاورة ليستوعب العدد الضخم من المصلين، واستمر يخطب فى هذا المسجد قرابة العشرين عاماً.
وفى أغسطس ١٩٦٥م، هبت رياح الحرب على الإسلاميين فعصفت بهم فى غياهب السجون والمعتقلات واعتقل الشيخ كشك ضمن من اعتقلوا وظل بالمعتقل لمدة عامين ونصف العام تنقل خلالها بين معتقلات طرة وأبوزعبل والقلعة ومنذ عام ١٩٧٦م، بدأ الاصطدام بالسلطة خاصة بعد معاهدة كامب ديفيد حيث اتهم الحكومة بالخيانة للإسلام.
وقد ألقى القبض عليه فى عام ١٩٨١م، مع عدد من المعارضين السياسيين ضمن قرارات سبتمبر الشهيرة للرئيس السادات، وفى يناير عام ١٩٨٢م أفرج عنه لكن تم منعه من العودة إلى المنبر أو إلقاء الدروس، وظل الشيخ كشك حبيس الدار، وفى مثل هذا اليوم «٦ ديسمبر» من عام ١٩٩٦م توضأ كشك فى بيته لصلاة الجمعة وفيما كان يتنفل بركعات قبل الذهاب إلى المسجد، بدأ الصلاة وصلى ركعة، وفى الركعة الثانية سجد السجدة الأولى ورفع منها ثم سجد السجدة الثانية وفيها توفى.