لا بد انك لاحظت العلاقة، فعندما تكون في علاقة حب حقيقي متدفق، فانك لن تأكل كثيرا، ولن تحتاج إلى أي حميات، فالحب سيملأك حتى انك لن تحتاج إلى حشو نفسك بالطعام الملوث، أما إذا لم يكن هناك حب، ستشعر انك فارغ جدا، وذلك الفراغ يؤلم، ولهذا ترغب في ملئه بشيء ما ،و تختار الطعام لهذه المهمة لأن الحب والطعام مرتبطان معا نفسيا بالنسبة لك .
يحصل الطفل على الحب والغذاء معا من صدر أمه، فكلما كانت الأم محبة اكثر، فسترغب بإعطاء الطفل من صدرها اكثر، وعندما تكون الأم غير محبة، غاضبة، فإنها لن ترضع طفلها كما يجب .
بسبب ثدي الام توطد ارتباط الحب بالغذاء عميقا في العقول، و لذلك فانك عندما لا تشعر بالحب تبدأ بالأكل وحشو جسمك به، أما عندما تحس بالحب تتوقف عن حشو جسمك بكل تلك الكميات الكبيرة غير اللازمة، لأنك لن تحتاجها، فالحب افضل غذاء لك، فيه تغذية خفية لجسدك وروحك، وبعدها لن يهتم أحد بمضغ العلكة؟ لا أستطيع أن اصدق أن الناس يمضغون العلك ، هل جنّ العالم ؟؟ ، العلكة لن تمنحك أي تغذية ، لكنها تشبع شيء في نفسك، فربما تكون هي أيضا بديل عن الثدي تستمر بوضعه في فمك .
لا يوجد حيوان يأكل كالإنسان، فلكل حيوان طعامه الخاص به، فإذا أحضرت قطيع بقر و وضعته في حديقة، فانه لن يأكل سوى نوع معين من الغذاء ولا يأكل كل شيء وأي شيء، أما الإنسان، ضائع تماما، لا يعرف ما هو الطعام المناسب له، ويأكل كل شيء و أي شيء، وإذا بحثت جيدا، فانك لن تجد أي شيء لا يأكل عندهم، ففي بعض الأماكن يؤكل النمل، وفي أماكن أخرى تؤكل الأفاعي، وفي أماكن أخرى يأكلون الكلاب، لقد أكل الإنسان كل شيء، ولهذا فان الإنسان ببساطة مجنون، فهو لا يعرف ما الذي يناسب جسمه وما الذي لا يناسبه، وبات مضطرب تماما .
الطبيعي هو أن يكون الإنسان نباتي لأن جسمه كله معد لاستقبال الغذاء النباتي، وحتى العلماء أكدّوا على هذه الحقيقة، وهي أن كل تكييفات جسم الإنسان تدل على انه يجب أن يكون نباتيا، ويمكن معرفة هذا عن طريق أمعاء الحيوان، فالحيوانات غير النباتية مثل الأسود والنمور تملك أمعاء قصيرة، بينما الإنسان فان أمعاءه طويلة، وهذا يعني انه نباتي بطبعه، وإذا تناول اللحوم فان ذلك سيكون ثقلا على جسده وإفرازاته .
في الشرق، كان كل اعظم المتأملين مثل بوذا ومهافيرا مدركين لهذه الحقيقة ليس بسبب إيمانهم بمبدأ اللا عنف، إن هذا سبب ثانوي، لكن السبب الحقيقي هو لأنك عندما تريد أن تستغرق حقا في تأمل عميق فان جسدك يجب أن يكون خفيف الوزن، يجب أن يكون الجسد مفرغ من أي حمولة زائدة، والجسد الذي يتلقى الكثير من المواد الحيوانية سيكون ثقيل ومملوء .
أنت راقب ما يحصل لك عندما تأكل اللحوم، عندما تقتل حيوان، ماذا سيحدث لذلك الحيوان عندما يقتل؟ بالطبع لا أحد يحب أن يقتل، ولهذا لا يموت الحيوان برغبته، وما يحدث هو انك عندما تقتل أي حيوان، فانه سيشعر بالخوف والموت والألم والحزن والغضب، ونتيجة لهذا يصبح جسده مليء بالإفرازات والسموم، وكل غدد الجسم تفرز السموم لأن الحيوان يقتل بالإكراه، وعندما تأكل أنت هذه اللحوم، فإنها تحمل كل السموم التي افرزها، و طبعا تتجمع كلها في جسدك، كما أنها تنتمي إلى جسد حيوان آخر له طبقة محددة من الوعي أنت تحمل درجة مختلفة عنها أعلى منها، وعندما تأكل لحوم الحيوانات، تكون بذلك تنتقل إلى طبقة اقل وهي طبقة وعي الحيوان، ولأنه توجد فجوة كبيرة بين وعيك ووعي الحيوان، تصاب بالتوتر نتيجة لذلك .
يجب على كل إنسان أن يأكل الأشياء الطبيعية له مثل الخضراوات والفواكه، وهذه يمكنك أن تأكل منها قدر ما تشاء، واجمل شيء في هذه الأغذية هو انك لا تستطيع أن تأكل منها اكثر من حاجتك، فالأغذية الطبيعية تمنحك الشعور بالقناعة لأنها تشبع جسدك، أما الأشياء غير الطبيعية لا تمنحك الشعور بالشبع، فمثلا، استمر بأكل المثلجات، ولن تشعر أبدا انك شبعت منها، وفي الحقيقة كلما أكلت اكثر، سترغب بالمزيد، وهذا ليس طعام، فقط خدع عقلك، فأنت لا تأكل ما يحتاجه جسمك، انك فقط تأكل حسب المذاق، واصبح اللسان هو الحاكم على الجسد .
لا يجب ان يكون اللسان هو الحاكم، لأنه لا يعرف أي شيء عن المعدة، لا يعرف أي شيء عن الجسد، فاللسان له وظيفة محددة هي التذوق، وليس هو الذي يحدد ان كان الغذاء مناسبا ام غير مناسب للجسم فهو مجرد حارس على الباب وليس الحاكم، وإذا اصبح الحارس هو الحاكم، فان الأمور كلها ستختلط مع بعضها .
يعرف المعلنين جيدا أن اللسان يمكن أن يخدع، لكن عليك أن تتذكر انهما ليسا الحاكم، عليك أن تكون واعيا، فالكثير من البحوث العلمية حول العالم تقول أن الأنف والعينان إذا اغلقا تماما، وأحد أعطاك بصلة لتأكلها، فانك لن تعرف ما الذي تأكله، لن تميز التفاح من البصل لأن نصف الذوق يأتي من الأنف، والنصف الآخر يأتي من اللسان، وهذا الاثنان اصبحا المسيطر الأول والمعلنين يعرفون هذا ويستغلونه، فلا يهم ان كانت البوظة مغذية أم ليس هذا المهم، فربما تحتوي البوظة على منكهات اصطناعية، وربما تحتوي على مواد كيميائية تقنع اللسان بالطعم، لكنها ضارة للجسم .
إن الغذاء الطبيعي، وعندما أقول طبيعي اقصد الطعام الذي يحتاجه الجسم، لأن حاجة النمر مثلا تختلف عنك، فهو يجب أن يكون عنيف، وإذا أكلت أنت أيضا كالنمر ستصبح عنيفا، لكنك لن تتمكن من إظهار هذا العنف، فأنت تعيش في مجتمع بشري لا في غابة، ولهذا سيتوجب عليك أن تكبت هذا العنف، وماذا سيحدث لاحقا؟ عندما تشعر بالغضب أو العنف، فان نوع من الطاقة السامة يصدر عنك، لأن السموم تخلق حالة من العنف يمكنك أن تقتل بها أي شخص، وهذه الطاقة تتوجه إلى يداك وأسنانك، ومن هذا الجزءان يظهر الحيوان عنفه، والإنسان جزء من المملكة الحيوانية .
عندما تغضب، تصدر منك طاقة سلبية، وهذه الطاقة تتجمع في يداك وأسنانك، لكنك تعيش في مجتمع بشري، وليس مربحا لك أن تكون عصبيا، أنت تعيش في عالم متحضر، ولا يمكنك أن تتصرف كالحيوانات، لأنك إذا تصرفت كالحيوانات ستدفع ثمنا غاليا أنت نفسك لست مستعد لدفعه، ولهذا تعمل على إخماد هذا الغضب في يداك، وتكبته في أسنانك وتستمر بالابتسام المزيف بينما يبقى الغضب مكوّم في أسنانك .
من النادر أن تجد فك شخص سليم وقوي، وهذا بسبب الغضب، وهذا السبب أيضا تصبح اليدان قبيحتان وتفقد مرونتها .
إن الأشخاص الذين يعملون بالتدليك، عرفوا انهم عندما يقومون بتدليك اليد بعمق، يصبح الشخص عصبيا دون أي سبب، و كذلك إذا قمت بالضغط على الفك، يصبح الشخص غاضبا مرة أخرى، وهذا لأن العضوين مكدسين بالغضب .
في اليدان والأسنان تتركز الأوساخ كلها، ويجب أن تطلق وتنظف، لأنها إن لم تنظف سيبقى الجسم ثقيل، وتمارين اليوغا مفيدة للتخلص من كل أنواع السموم المتراكمة في الجسد، وتمارين اليوغا تخلصك منها، فتمارين اليوغا تختلف تماما عن أية تمارين أخرى، فهي لا تجعل الجسم قويا، بل تجعله اكثر مرونة، وعندما يكون جسمك اكثر مرونة، تقوى عندك الكثير من الأشياء، و ستبدو اصغر، اليوغا تساعد جسدك على أن يكون اكثر سيولة، اكثر تدفق و دون أية حواجز، ويصبح الجسد وحدة واحدة، تعمل بإيقاع منتظم عميق، ليس مثل ضجّة السوق، بل مثل عزف الأوركسترا، دون أي حواجز، وعندها يصبح الجسم نقي، و لهذا فان تمارين اليوغا ذات فائدة عظيمة . كل إنسان يحمل الكثير من النفايات في المعدة، لأن المعدة هي الفراغ الوحيد في الجسم الذي يمكن حشوه، فإذا كان هناك شيء يغضبك، تحشوه بالمعدة، وإذا أردت أن تبكي على زوجة ماتت، وحبيب مات، أو صديق مات، أين ستذهب بكل هذه الدموع؟ طبعا ستحشوها بالمعدة لأنها الفراغ الوحيد الموجود في الجسم، المكان الوحيد المجوف الذي يمكنك أن تجبره .
إذا كنت تحشو معدتك، والحقيقة هي أن كل الناس يفعلون هذا ويحشونها بعديد من العواطف كالحب والغضب والحزن وحتى الفرح، وبسبب هذا الضغط لا تستطيع أن تتنفس بعمق، وإذا تنفست بعمق، فان كل تلك الجروح والآلام المتراكمة في المعدة ستخرج طاقتها، وأنت طبعا خائف .
كل طفل عندما يولد يتنفس من خلال بطنه، انظر إلى الطفل وهو نائم، وسترى بطنه يرتفع وينخفض، وليس صدره، لأنه ما من طفل يتنفس من صدره، بل يتنفس من بطنه لأنه حر تماما، لا يوجد عنده أي كبت أو أي حشو في المعدة، ومعدتهم فارغة ولهذا الفراغ جمال في الجسم، لكن عندما تمتلئ المعدة بالكبت والحزن، ينقسم الجسم إلى جزءان، جزء علوي وجزء سفلي، وعندها لا تصبح واحد بل اثنين، وتفقد الوحدة بين الجسد الواحد، وتدخل الثنائية لحياتك، وعندها لن تستطيع أن تكون جميلا، لا يمكن أن تكون رشيق فأنت تحمل جسدين بدل واحد، وستبقى هناك فجوة دائما بين الاثنين، لن تتمكن من المشي بشكل جيد، ستحمل قدماك بطريقة ما، لكن الحقيقة هي أن الجسم إن كان واحد فان الأقدام ستحملك، أما إذا كان الجسم مقسم إلى جسمين، فانه سيكون عليك أن تحمل قدميك، يجب عليك أن تسحب جسمك وسيصبح عبء عليك، ولن تتمكن من التمتع به، فلن تتمكن من الاستمتاع بنزهة قصيرة، ولا سباحة عميقة، ولا حتى ركض سريع لأن جسدك ليس واحد، ولن تتمكن من الاستمتاع بهذه الحالات كلها، يجب عليك إعادة توحيد جسدك، ولتحقيقي هذه الوحدة لتنظيف المعدة، ستحتاج إلى تنفس عميق، لأنك عندما تستنشق بعمق، وعندما تزفر بعمق، فان المعدة تتخلص من كل الأشياء التي تحملها، ففي الزفير تتحرر المعدة نفسها، ومن هنا تأتى أهمية التنفس العميق المنتظم، والتشديد يجب أن يتم في الزفير لتتمكن المعدة من التخلص من كل ما هو غير ضروري لها، وعندما لا تحمل المعدة أي مشاعر داخلها، فانك ستتخلص من الإمساك إن كنت تعاني منه، فالإمساك سببه أن المعدة لا تمتلك حرية الحركة والهضم عندما تكون مليئة بالمشاعر، فأنت تقيدها بصرامة ولا تسمح لها بالحركة، إذن، إذا كانت مشاعرك مضغوطة في معدتك، ستعاني من الإمساك، فالإمساك مرض عقلي اكثر منه فيزيائي، ينتمي إلى العقل اكثر من انتمائه للجسد .
لكن تذكر، أنا لا أجزّأ العقل والجسد إلى جزأين، فهما مظهران لظاهرة واحدة، فالعقل والجسد ليسا منفصلين، فالجسد نفساني جسمي، والعقل ارق جزء من الجسد ، و الجسد هو الجزء الإجمالي من العقل ، و كلاهما يؤثر على الآخر ، فإذا ضغطت شيئا في العقل ، الجسم أيضا سيضغط ، و إذا تخلص العقل من كل العقد ، سيتخلص الجسد كذلك من كل شيء، ولهذا اشدد على التنقية كثيرا لأنها عملية تنظيف .
كل هذه الأمور ضرورية: الصوم، الطعام الطبيعي، التنفس العميق، اليوغا، المرونة، الرشاقة، كلها تقلل من الكبت وتسمح للجسد أن يصرخ صوته .
عندما يكون الجسد نظيف، سترى طاقة هائلة، تسطع عندك، باب جديد سيفتح، احتمالات جديدة، فللجسد طاقة خفية، وعندما يطلقها لن تصدق انه كان يحمل كل هذه الأشياء في داخله .