نوارس الرحيل...
للرحيل مذاق مُرّ ولون غامض وشكل كئيب
يزحف إلى حياتنا في ساعات زمنية رمادية عقاربها تحرق عمرنا بحركاتها المضجرة وبرنينها الذي يثير في أرواحنا القلق والترقب والانتظار......
هو بركان من نار
وإعصار ودمار
ينفجر في السكون من حولنا فيقلب الدنيا ويعصف بالأمان
ويرسم من بقايا رماده صوراً حزينة لوجه الطفولة التي تنحدر على وجناتها البريئة قطرات من دموع الألم
والحيرة والانكسار
ينثر أشواك البعد
والرحيل
والمغيب حول ضوء الحنين الذي يتمايل نوره بصمت في بحر الوجدان حتى يتلاشى خلف أفق الأيام ويغرق وسط أمواج الذاكرة ويسكن في محارات الاحتضار.....
يأتينا بلا موعد لينتزع الدفء منا ويتركنا في وحدة الصقيع نرتجف من
الفراق
والاغتراب
نختبيء وراء أعمدة الأمل لنحتمي من جبروت الأقدار
يقتلعنا من أوطاننا
من مدن أحلامنا
ويترك لنا علامة استفهام؟
يختطف أحبائنا
وحكايات العشق من دفاتر أرواحنا
وينقش على أيادينا علامات التعجب!
ثم يتركنا على حافة الفزع في عيوننا بريق الانهزام
يأخذنا في رحلاته المفزعة إلى مدن الرحيل
ويتركنا في غابات الرهبة
نزرع سراب الهجر
ونحصد ألم الغربة
نكتب أوراقاً للتاريخ
لتحرقها جمرات الترحال على طرقات الأيام
ونحكي للريح قصصاً نرويها بكلمات البقاء
واللقاء
والرجاء
فتطيرحروفها راحلةً بنا إلى زوايا الانهيار
يتسلل إلى أمنياتنا ليسكب عليها ماء اللهفة
والشوق
والرغبة
فتهرب في فزع إلى أشجار اليأس لتعيش داخل جذوعها الميتة في ظمأً
محاصرة بأسوار الظلام
إنه الفوضى التي تطارد السلام وسط ردهات الزمن
والرصاص الذي يقتل القلب
والحُب
والوقت
ويغتال حياة الأشعار
يغدر بالأرض والفرح
وبورد يصافح الشروق كل صباح
يشردنا في متاهات مدن الحُطام
ندور في فلك الحسرات والهلاك
ونطوف مع مراكب الضياع ونوارس الرحيل
على مرافيء الوداع
لنرسو تاركين بين شقوق صخور الذكريات رسائل وقصاصات
وحدنا نعلم أسرارها ولغاتها
ونفهم أناتها وصوت نحيبها
نبكي على رمل شواطيء الحنين
الزمان
والنسيان
والأشجان
ثم ندير ظهورنا للأماكن
ونرحل بسفن الغياب نحلم بمدينة جميلة
وبحار آمنة لانغرق فيها بالمأساة
وبوطن يهدينا أطواق نجاة
ووسام سلام وانتصار
وميناء حرية واستقرار!!!!