أشرف شاب فلسطيني يعيش في قطاع غزة, يحاول الخروج عبر معبر رفح منذ حوالي عامين للدراسة في الخارج, ويوجد مثله آلاف الشباب الذين لم يتمكنوا من الالتحاق في الجامعات الفلسطينية, وهم يريدون أيضا السفر, ولكن وعلى ما يبدو أن السفر من غزة أصبح قطعة من جهنم, أنها معاناة دائمة .
يتابع أشرف أخبار فتح المعبر مع أصدقائه, وعبر الإذاعات المحلية, والانترنت, وأيضا من خلال الجوالات.
في كل مرة يفتح المعبر أبوابة تنتابه حمى السفر, ويحزم حقيبته ويودع أسرته, وأخته فرح التي تذرف دموع الفراق حارة, لا تنسى أن تقطف وردة بيضاء من حديقة منزلها وتنزع أوراقها وتنثرها من خلفه عندما يغادر متمنية له بذلك طريق مفروش بالورود,ولكن ومع الأسف يعود أشرف عند ساعات الليل إلى بيت أسرته وقد تورمت قدماه من شدة التعب والانتظار, وتبدوا علية علامات الإنهاك والإحباط قوية, ولكنة يلملم جراحة ويطبب قدميه, ثم ينتظر شهرا أخر,ويحاول الكرة ثانية, يفشل , ينكسر ثم ينهض.
قبل عدة أيام فتح المعبر أبوابة للمسافرين حزم أشرف حقيبته على عجالة, وودع أسرته, وبكت فرح ثانية دموع الوداع حارة ,ونثرت أوراق وردة بيضاء من خلفه.
وصل إلى مكان انطلاق الحافلات بصعوبة, واستقل حافلته بصعوبة أكبر وسط جمع غفير من المسافرين المسجلين للسفر وغير المسجلين, لم تنطلق الحافلات في ذلك اليوم, وعاد أشرف إلى بيته منهكا ومحبطا , ولكنة كان يحمل وعدا بالسفر في اليوم التالي.
انطلق مبكرا وفى نهاية اليوم وبعد طول انتظار تحركت الحافلة ببطء نحو بوابة المعبر الفلسطيني, هناك يقف المئات ممن يرغبون بالسفر, أم محمد امرأة عجوز تفترش الأرض أمام بوابة المعبر المعبر, فهنا لا توجد فنادق, أو قاعات انتظار, لكن أحدا منهم لن يمر, هكذا يريد الحصار أن يفعل بالناس.
في الجانب المصري صالة مكتظة ممن حالفهم الحظ بالمرور عبر البوابة الفلسطينية,ساعات انتظار طويلة وليس للوقت هنا أهمية, وبعد طول معاناة ترحيل إلى المطار, لكن الطائرة غادرت, والانتظار يوم كامل أمر حتمي حتى موعد إقلاع الطائرة أخرى.
أشرف محظوظ هذه المرة, فقد تمكن من مغادرة قطاع غزة بصعوبة الموت إلى حيث يريد أن يعيش ويدرس بالجامعة, أما أصدقائه فلم يحالفهم الحظ, وعادوا من حيث أتوا, يراودهم الشك والأمل في فرصة أخرى للمغادرة
المعبر يغلق أبوابة وينحبس الأمل في صدور حامليه, أما فرح فهي تخشى الآن من أن لا يفتح المعبر أبوابة البتة, ولا يعود أخيها ثانية,تنتابها حالات من الخوف وضيف في التنفس, وهكذا أصبح يعيش اليوم أغلب سكان غزة.